فوه قيحاً ودماً : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول : انّ الأبعد كان يحاكى فينظر إلى كلّ كلمة خبيثة فيسندها ويحاكى بها.
ثم يقال للذي يأكل لحمه : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول : انّ الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة ، ويمشي بالنميمة (١).
والأحاديث في هذا الباب كثيرة واكتفينا بنقل ما كان سنده معتبراً.
( الفصل الثاني )
في معنى الغيبة
لقد عرّف البعض الغيبة طبقاً لما ورد في الأحاديث ، أعني ذكر المؤمن على نحو الغيبة بحيث لو سمع ساءه وآذاه ، وعرّفها الأكثر بأنّها التنبيه على أمر في انسان معين غائب ، أو كان في حكم المعين وهو يكره نسبة ذلك الأمر إليه مع وجوده فيه ، ويُعدّ ذلك الأمر نقصاً وعيباً في العرف ، سواء أكان هذا التنبيه بالقول أم الاشارة أو الكناية أو التصريح أو الكتابة.
وقيدنا الانسان بكونه معيناً لأنّه لا غيبة لغير المعين ، كما لو قال : انّ في أحد أهالي هذا البلد كذا عيب ، فلا حرمة فيه الاّ أن يقول بنحو يعرفه السامع بالقرائن وان لم يسمّه له ، والمراد من الذي في حكم المعين بأن يقول انّ العيب الفلاني في أحد شخصين مثلاً في زيد أو عمرو ، وذهب البعض إلى هذا النوع من الكلام يعدّ غيبة لكلا الشخصين ، لأنّ جعلهما في معرض هذا الاحتمال نقص لشأنهما ، ولو سمعا ساءهما.
__________________
١ ـ أمالي الصدوق : ٤٦٥ ح ٢٠ مجلس ٨٥ ـ عنه البحار ٧٥ : ٢٤٩ ح ٢٠ باب ٦٦.