[ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي ذر رحمهالله ] :
يا أباذر انّ ربي أخبرني ، فقال : وعزتي وجلالي ما أدرك العابدون درك البكاء عندي ، وانّي لأبني لهم في الرفيق الأعلى قصراً لا يشركهم فيه أحد ، قال : قلت : يا رسول الله أيّ المؤمنين أكيس؟ قال : أكثرهم للموت ذكراً ، وأحسنهم له استعداداً.
يا أباذر إذا دخل النور القلب انفسح القلب واتسع ، قلت : فما علامة ذلك بأبي أنت واُمي يا رسول الله؟ قال : الانابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله.
اعلم اننا ذكرنا الأحاديث التي جاءت في فضل البكاء لله سابقاً ، ومن المعلوم عقلاً وشرعاً كون التضرّع إلى الله تعالى يورث خير الدنيا والآخرة ، وللبكاء مراتب كثيرة وكلّ يقتبس منها حسب رتبته ومقامه.
فمنهم من يبكي طلباً للخبز من الله ، ومنهم من يبكي للخلاص من جهنم أو الدخول في الجنة ، ومنهم من يطلب القرب حتى يصل الأمر إلى درجة المحبين الملتذين بكل دمعة آلاف اللذائذ التي لا تقاس بغيرها ، وكما انّ في الآخرة لا شريك لهم في قصورهم كذلك في الدنيا لا يعلم أحد مدى لذتهم.
وكذلك مضت الأحاديث في ذكر الموت والاستعداد له بالأعمال الصالحة كي لا يتحسّر الانسان حين حلوله ، وشرحنا أيضاً معنى القلب وانّ ضياءه بالعلم والمعرفة والمحبة والنيات الصادقة ، والصفات الحسنة ، وكما انّ الضياء الظاهري يزيد رؤية العين ولا ينقصها ، كذلك العلم والمعارف يوجبان البصيرة في القلب ،