وأنفق مالاً جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذلّ والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة ، طوبى لمن صلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، وعزل عن الناس شرّه ، طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله.
يا أباذر البس الخشن من اللباس ، والضيق من الثياب لئلاّ يجد الفخر فيك مسلكاً.
بما أنّ أكثر مطالب هذه الفقرات الشريفة قد مرّت سابقاً فنوضّح باقي الأمور في طيّ مصابيح :
( المصباح الأول )
في ذمّ التكبر
وقد مرّ مجملاً منه في باب التواضع ، فاعلم انّ التكبّر من أقبح الصفات الذميمة ، ويوجب الذل في الدنيا والآخرة ، وهو السبب لكفر وعناد كفّار كلّ قوم ، وانّ أول معصية عُصي بها الرب لهي معصية الشيطان حيث تكبر ولم يسجد لآدم عليهالسلام ، فلعن أبد الآباد.
وكما قال أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطبة القاصعة :
الحمد لله الذي لبس العزّ والكبرياء ، واختارهما لنفسه دون خلقه ، وجعلهما حمى (١) وحرماً على غيره ، واصطفاهما لجلاله.
وجعل اللعنة على من نازعه فيهما من عباده ، ثم اختبر بذلك ملائكته المقرّبين ، ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ، فقال سبحانه وهو العالم
__________________
١ ـ الحمى : ما حميته عن وصول الغير إليه والتصرف فيه.