قال له : اتضع وضعك الله ، فلا يزال أعظم الناس في نفسه ، وأصغر الناس في أعين الناس ، وإذا تواضع رفعه الله عزّ وجلّ ، ثم قال له : انتعش نعشك الله ، فلا يزال أصغر الناس في نفسه ، وأرفع الناس في أعين الناس (١).
( المصباح الثاني )
في بيان أنواع التكبّر
اعلم انّ التكبر ترفّع النفس واظهار الكبرياء والعظمة وله أنواع :
فالأول الذي هو من أقبح الأنواع ، ويوجب الكفر ، وقد فسّر التكبر به في كثير من الأحاديث أن يتكبر عن عبادة الله ومتابعة الأنبياء والأوصياء والعلماء وأهل الحق ، وعن متابعة نفس الحق ، وعن قبول فضل من فضلّهم الله تعالى ، كتكبر الكفار عن متابعة الأنبياء ، وتكبر المنافقين عن متابعة الأوصياء ، لأنّ أهواءهم كانت تمنعهم من اتباع شخص أقلّ شأناً منهم بحسب عقولهم الناقصة ، وأبصارهم العمياء وأن يقرّوا بفضله كما مرّ في الخطبة القاصعة.
والثاني أن يحقّر الناس ويزعم انّه أفضل منهم.
والثالث الذي تكون نتيجته بناء الدور الرفيعة اظهاراً للزيادة ، ولبس الثياب الفاخرة ، وركوب الجياد الأصيلة وكثرة الخدم بقصد التفوّق والرفعة على أمثاله وأقرانه والفقراء والمساكين.
والرابع أن يتوقع الاحترام والتواضع من الناس لنفسه ويرتفع عليهم ، ويميل طبعهم إلى كون الناس أذلاّء ، ويطلبون العزّة والرفعة في المشي والجلوس
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ٣١٢ ح ١٦ باب الكبر ـ عنه البحار ٧٣ : ٢٢٤ ح ١٦ باب ١٣٠.