فكلّنا يفزع منه ، انّ هذا مالك خازن النار لم يضحك قط ، ولم يزل منذ ولاّه الله جهنم يزداد كلّ يوم غضباً وغيظاً على أعداء الله وأهل معصيته ، فينتقم الله به منهم ، ولو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكاً إلى أحد بعدك لضحك إليك ، ولكنّه لا يضحك.
فسلّمت عليه ، فردّ السلام عليّ وبشّرني بالجنة ، فقلت لجبرئيل ـ وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله مطاع ثم أمين ـ : ألا تأمره أن يريني النار؟ فقال له جبرئيل : يا مالك أر محمداً النار.
فكشف عنها غطاءها ، وفتح باباً منها ، فخرج منها لهب ساطع في السماء ، وفارت وارتفعت حتى ظننت ليتناولني مما رأيت ، فقلت : يا جبرئيل قل له : فليردّ عليها غطاءها ، فأمرها فقال لها : ارجعي ، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه (١).
وروي في تفسير قوله تعالى : ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا ) يعني بني اُميّة ( قُطِّعَت لَهُم ثِيَابٌ مِن نَّارٍ ) إلى قوله : ( حَدِيد ) (٢) قال : يغشاهم النار كالثوب للانسان ، فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرّته ، وتقلص شفته العلياء حتى تبلغ راسه ، ( وَلَهُم مَّقَامِعُ مِن حَدِيدٍ ).
قال : الأعمدة التي يضربون بها ، وقوله : ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخرُجُوا مِنهَا مِن غَمٍّ اُعِيدُوا فِيهَا ) (٣) أي ضرباً بتلك الأعمدة (٤).
وجاء في حديث : لو انّ مقمعاً من حديد وضع في الأرض فاجتمع له
__________________
١ ـ البحار ٨ : ٢٩١ ح ٣٠ باب ٢٤ عن تفسير القمي.
٢ ـ الحج : ١٩.
٣ ـ الحج : ٢٢.
٤ ـ البحار ٨ : ٢٩٢ ح ٣٢ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.