قليل ، ولا كثير ، ولكنه القديم في ذاته ؛ لأنّ
ما سوىٰ الواحد متجزّئ ، والله واحد لا متجزئ ، ولا متوهّم بالقلة والكثرة ، وكلّ متجزئ أو متوهَّم بالقلّة والكثرة فهو مخلوق دالٌّ علىٰ خالقٍ له. فقولك : ( إنّ الله قدير ) ، خبّرت أنه لا
يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز ، وجعلت العجز سواه. وكذلك قولك : ( عالم ) ، إنّما نفيت بالكلمة الجهل ، وجعلت الجهل سواه. وإذا أفنىٰ الله الأشياء أفنىٰ الصورة والهجاء
والتقطيع ، ولا يزال من لم يزل عالماً ». فقال الرجل : فكيف سمّينا ربّنا سميعاً ؟ فقال الإمام : «
لأنّه لا يخفىٰ عليه ما يُدرك بالأسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس ، وكذلك سميناه بصيراً ؛ لأنّه لا يخفىٰ عليه ما يُدرك بالأبصار. من لون أو شخص أو غير ذلك ، ولم نصفه ببصر لحظة العين. وكذلك سمّيناه لطيفاً لعلمه بالشيء اللطيف مثل
البعوضة وأخفىٰ من ذلك ، وموضع النشوء منها ، والعقل والشهوة للسفاد والحدب علىٰ نسلها ، وإقام بعضها علىٰ بعض ، ونقلها الطعام والشراب إلىٰ أولادها في الجبال
والمفاوز والأودية والقفار. فعلمنا أنّ خالقها لطيف بلا كيف ، وإنّما الكيفية للمخلوق المكيّف. وكذلك سمّينا ربّنا قوياً لا بقوة البطش
المعروف من المخلوق ، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة ، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصاً كان غير قديم ، وما كان غير قديم كان عاجزاً. فربّنا تبارك وتعالىٰ لا شبه له ولا ضدّ
، ولا ندّ ، ولا كيف ، ولا نهاية ، ولا