ومع التشديد على عدم تجاوز النصّ ، حصل التجاوز بخصوص عدد من الأحكام من بينها الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله ، ومع تحذير النبيّ صلىاللهعليهوآله بعدم التصرّف في الصلاة عليه بالنقصان أو الزيادة قائلاً : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ ورغم حرص النبيّ صلىاللهعليهوآله على أن تكون فريضة الصلاة عليه تامّة الأركان ومستوفية الشروط ، فقد حصل المحظور ، ووقع ما تخوّفَ منه النبيّ صلىاللهعليهوآله.
كنت أصلّي الصبح وبقيّة الصلوات بحسب الظروف في المسجد الجامع الذي لا يبعد عن مقرّ إقامتي غير بضع مئات من الأمتار ، وبعد الصلاة يبدأ المؤذّنُ في قراءة ما تيسّر من التعقيبات ، وكان من بينها الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فكان يردّدها صحيحة ، ويردّد معه المصلون الراغبون في التعقيب ، فالتفتُّ إلى تلك النقطة ، وتساءلتُ لماذا يُصلّي الناس على النبيّ صلىاللهعليهوآله صلاة كاملة في تعقيبات الصلوات ، وعند الصلاة عليه خارج ذلك الإطار يُسقطون الصلاة على آله الكرام البررة ؟ ومن لا يسقط آل النبيّ صلىاللهعليهوآله ، يدخل معهم من لا تشملهم تلك الصلاة الخاصّة بالنبيّ وآله ، كأزواجه وأصحابه.
وطالما أنّه أمرٌ نزل فيه الوحي ، وفصّلَه النبيّ صلىاللهعليهوآله بحيث لم يترك فيه مجالاً للتأويل ، فلماذا يتعامل حياله المسلمون بهذا الأسلوب المقصّر ؟ وفهمت أنّ الأمر جاء تبعاً لتداعيات الحرب ، التي أعلنت على أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والتي كانت غير معلنة بشكل واضح في العقد الأول الذي أعقب وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ثم استفحل الأمر بعد شهادة الإمام عليّ عليهالسلام ، واشتدّ الأمر على أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم. وكانت شعيرة الصلاة على آل محمّد إحدى ضحايا تلك الحرب ، التي لم تراع قيمة من القيم التي جاء الإسلام من أجل إعلائها ، فسعت بكلّ ما أوتيت من دهاء وخبث إلى محقها ومحوها.