حديث الثقلين ; لأنّها لم تطرح بديلاً عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، كما لو فرضنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : تركت فيكم كتاب الله وصحابتي مثلا ، كما أنّ الصحابة أنفسهم لم يطرحوا أنفسهم مراجعاً للأمّة الإسلاميّة ، ولم يدّع أحد منهم حيازته لذلك المقام ، بينما ادّعاها عليّ وذريته عليهمالسلام ، دون أنْ ينازعهم فيها أحد.
وممّا يؤكّد حديث الثقلين بلفظ الثقلين بلفظ ( وعترتي ) موافقته لقوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (١). حيث تضمّنت الآية بياناً لدورين من أدوار الهدي الإلهي هما :
ـ دور التبليغ : وهو مناط بالأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، الذين نزل عليهم الوحي ، وحملوا شرائع وقوانين لتكون دستوراً للبشرية ، تعمل بمقتضاه ، وتمتثل لأحكامه ، فنزول الوحي من الله تعالى كان عن طريق روح القدس عليهالسلام إلى النبيّ أو الرسول عليهالسلام.
ـ دور الحفظ : وهو مناط بالأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، الذين أودعوا علوم وأسرار ومعاني جميع ما نزل على الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، وحُفظ مكونات الوحي يكون عن طريق الإمام عليهالسلام ، قال تعالى : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ) (٢)
ولا شك أنّ الآية الكريمة التي في سورة المائدة تشير إلى الدورين المذكورين ، وتزيد في إقامة الدليل على أنّ الدين قد جاء من الله تعالى متناسقاً ومتجانساً وتامّاً في جميع مكوّناته ، وليس للناس فيه إلّا السمع والطاعة فقط ،
قال تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ
_________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) يس : ١٢.