شُهَدَاءَ .... ) (١).
لقد بيّنت الآية الكريمة وظائف متعلقة بأدوار تبليغ وحفظ شرائع الله سبحانه وتعالى ووحيه ، جاءت بحسب الأولوية والترتيب الزمني كالآتي : أوّلا : النبيّون. ثانيا : الربانيّون ( الأئمة أو خلفاء الأنبياء ). ثالثا : الأحبار ( العلماء ). فتبيّن من خلال ما ذكرت : أنّ الدين لا يكون تامّاً وكاملاً ، إلّا إذا اجتمعت فيه كافّة خصائص التشريع ، من وجود السلطات الثلاث داخل تركيبته ، وأعني بهما السلطة التشريعية ، والسلطة التنفيذية ، والسلطة القضائية.
إذاً ، فإنّ مسألة تعيين من سيقوم مقام النبيّ صلىاللهعليهوآله في النصح والإرشاد ، والإجابة على المسائل والحكم بين الناس ، وقيادتهم إلى سواء السبيل ، واضحة لا غبار عليها ، وليست متروكة للناس ، لأنّ ذلك الترك المزعوم نقص في الدين وإخلال بمكوناته ، لا يمكن أنْ يصدر عن الله تعالى.
ولو سلّمنا جدلاً ، أنّ مسألة قيادة الأمّة قد تركها الله سبحانه وتعالى للناس بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فإنّ ذلك الترك المزعوم لا يمكن أنْ يكون مطلقاً ; لضرورة تحديد شروط للقائد المزمع تعيينه ، تؤهله لقيادة سفينة الأمّة بيسر ونجاح ، فيكون التعيين مع وجود شروط القائد كذلك من الله سبحانه وتعالى ، على سبيل النصح والإفادة ; لأنّه أعلم بمخلوقاته من غيره ، وفي كلتا الحالتين ، وأعني بهما : حالة تعيين القائد ، وحالة ترك تعيينه لاختيار الناس ، فالوحي ليس بمنأى عنهما.
من هنا فهمت واقتنعت تماماً بضرورة وجود شخص له من المؤهّلات الكبيرة التي تُمكّنَه من أنْ يملأ مقام النبيّ صلىاللهعليهوآله في الأمّة بعد انتهاء مرحلة النبوّة ، وعرفت أنّ ذلك الشخص هو الأقرب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله من غيره ، فلم أجد غير الإمام عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام ، من توفرت فيه تلك الخصائص والكمالات منذ ولادته وحتّى
_________________
(١) المائدة : ٤٤.