فارق الحياة ، لم يسجل عليه أيّ مخالفة ، ولا نقل عنه أصحاب السير بدعة ، حتّى أنّ أعداءه الذين حاربوه ، لم يستطيعوا أن يجدوا عليه غميزة ، أو يقدّموا سبباً يبرّر عداءهم وحربهم ، فقدمت أمير المؤمنين عليهالسلام على غيره ، اعترافاً بحقّه عَلَيّ ، وامتثالاً لأمر الله تعالى في تقديمه وموالاته وطاعته ، والإيمان بأنّه الإمام المفترض الطاعة على الأمّة قاطبة.
والإمام عليّ عليهالسلام هو أوّل عترة النبيّ صلىاللهعليهوآله الذين قرنهم بالكتاب وجعلهم ثقله ، وبابه وعرفاءه ، وعلماءه ، ولولا وجودهم لمحق الدين واندرست أحكامه.
أمّا الثقل الأوّل ، وهو الكتاب الذي أحصى الله تعالى فيه كلّ شي ، قال تعالى : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ) (١) والذي عجز كبار الصحابة وجهابذة العلماء عن إدراك جميع معانيه ، وتناول كافّة درره ، والأخذ بأزمّة محكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، فلم يتجرأ أحد على القول بتمام معرفته ، غير عليّ عليهالسلام ، باب مدينة علم النبيّ صلىاللهعليهوآله.
إذاً ، فحديث الثقلين لمن فهم مقاصده ، من أكبر الأدلة على وجوب اتّباع العترة الطاهرة من أهل البيت عليهمالسلام ، واقترانها بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، دليل على عصمتهم من الضلال والكفر والشرك والنفاق ، وزيغ الشيطان ، كما دلّت عليه آية التطهير : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) وعدم افتراق العترة الطاهرة عن الكتاب العزيز إلى يوم القيامة ، دليل آخر على عصمة الأطهار ، وعدم افتراقهم عن الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
واعتبار التمسك بالكتاب والعترة الطاهرة عاصماً من الضلال ، دليل ثالث على عصمة الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام ، فلا يعقل أن يحيلنا النبيّ صلىاللهعليهوآله تبعاً للوحي
_________________
(١) النبأ : ٢٩.
(٢) الأحزاب : ٣٣.