اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة ، الذي وقعت فيه الحادثة.
بدا اهتمامي بحادثة الغدير المباركة ، عندما عثرت على سبيل الصدفة ، وأنا أتصفح تاريخ ابن كثير المعروف بـ « البداية والنهاية » ، على رواية نقلها بإسناده عن أبي هريرة يقول فيها نقلا عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا » (١).
رسمت في ذهني تعجبا بقيمة ذلك اليوم ، دفعني إلى مزيد من التعرّف على حقيقة ذلك اليوم ، وما يمثّله في الإسلام ، ثمّ اعترضني الحديث الذي نقله مسلم النيسابوري ـ وهو ثاني الحفّاظ المعتمدين عند أتباع المذهب الذي كنت أعتنقه ـ في باب فضائل أهل البيت عليهمالسلام ، والذي بتر منه ما شاء أن يبتر ، نقل فيه عن زيد بن أرقم قوله : قام رسول الله صلىاللهعليهوآله يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكّة والمدينة (٢) وبمزيد من البحث والتقصّي ، أمكنني الوقوف على حقيقة غدير خم ، وحادثة يوم الثامن عشر من ذي الحجّة.
لم يستطع الحفّاظ ولا المؤرّخون التنصّل من ذلك الحدث العظيم ، فنقل منهم من نقل الحادثة والخطبة كاملتين ، وأحجم منهم من أحجم بدافع هوى أو بمنع سياسة أو نتيجة اختلاف مذهبيّ ، تفنّنٌ منهم في تغطية الحقيقة الناتجة عن تلك الحادثة الكبرى وذلك اليوم العظيم. وملخّصُ ألفاظهم كالآتي : حجّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله حجّته المعروفة بحجّة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة المباركة ، فتبعته جموع غفيرة من المسلمين عُدّت أكثر من مائة ألف نفس ، وعند منصرفه من تلك الحجّة تبعته نفس تلك الجموع إن لم يكن أكثر منها ، وفي مكان يدعى
_________________
(١) البداية والنهاية ٧ : ٣٨٦.
(٢) صحيح مسلم ٧ : ١٢٢ ـ ١٢٣.