كان أوّل المذاهب التي يصطلح عليها بالمذاهب السنيّة ، والتي تدّعي أنّها على سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآله هو المذهب الحنفي ، نسبة إلى أبي حنيفة النعمان ، الذي ولد سنة ٨٠ هجرية ، وتوفّي سنة ١٥٠ هجرية وعاش معظم أيّامه في الكوفة ، انتقل في طلب العلم إلى المدينة ، فتتلمذ على أيد عدد من أكابر العلماء ، منهم الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ، الذي كانت له معه حوارات ومناظرات.
لقّب أبو حنيفة بالإمام الأعظم من طرف زمرة من المتعصبين من أتباعه ، وهو لقب لا يستحق تقلده ، لأنّه اعتمد على رأيه في استنباط أحكام ، مستدّلاً عليه في أغلب حالات استنباطه بروايات ضعيفة ، تاركاً وراء ظهره أغلب الصحيح.
ثاني تلك المذاهب ، هو المذهب المالكيّ نسبة إلى مالك بن أنس ، الذي ولد سنة ٩٢ هجرية ، وتوفّي سنة ١٧٩ هجرية بالمدينة ودفن بها ، وعاش معظم أيّامه في المدينة المنورة ، وقد تتلمذ مالك أيضاً على يد الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، لكن لم نجد له بعد ذلك علاقة بالإمام ; نظراً للعوامل السياسيّة التي أحاطت بمالك ، من بينها أنّه كان مقرّباً من أبي جعفر المنصور العباسيّ ، وهو الذي أشار عليه بكتابة الموطّأ ، وشدّد العباسيّون على جعله الفقيه الأوحد المقرّب من السلطة آنذاك ، إلى درجة أنّهم أطلقوا في المدينة من ينادي : ( لا يُفتى ومالك بالمدينة ). إمعاناً منهم في إقصاء أئمّة أهل البيت عليهمالسلام عن دورهم ، والحيلولة بينهم وبين عامّة المسلمين ، بالأمر تارة وبالإكراه تارة أخرى.
ثالث تلك المذاهب هو المذهب الشافعيّ نسبة إلى محمد بن إدريس الشافعي ، الذي ولد سنة ١٥٠ هجرية في السنة التي توفي فيها أبو حنيفة ، وتوفي سنة ٢٠٤ هجريّة في مصر ، ودفن بالقرّافة الصغرى ، تنقل الشافعي بين العراق والحجاز فلقي مالكاً ، لكنّه لم يأخذ عنه ; لما وجد عليه من مظاهر الأبّهة والسلطة.