ولعلّ الذي حسم النزاع في نهاية المطاف ، حبي للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومودّتي لأهل بيته الطاهرين ، فقد جاءني ذات يوم وابتدرني قائلاً : « ماذا يمثّل النبيّ صلىاللهعليهوآله بالنسبة إليك ؟ »
فقلت له : « إنّه خاتم الأنبياء والمرسلين صلىاللهعليهوآله ، به بدأ المولى تعالى الخلق وبه اختتم شرائعه ، وهو فوق ذلك كلّه حبيب الرحمان ، متميّزاً على جدّه إبراهيم الخليل عليهالسلام ، ليس في الخلق من هو أفضل ولا اقرب ولا أرفع منه ».
فقال لي : « إذاً ، أنت من المقرين بفضله ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى ».
فقلت له : « أفي ذلك شك ؟ »
فقال : « أنا لا أشكّ في عقيدتك ، وصدق مشاعرك نحو النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله ، ولكنّني لا أرى لذلك الحبّ أثرا عليك ».
فقلت له : « وكيف ترى يكون الأثر ؟ »
فقال : « أثر ذلك يكمن في اتّباعك ومحبّتك وولائك له ، وغيرتك عليه ، فقد قرن الله سبحانه وتعالى محبّته باتّباع الرسول صلىاللهعليهوآله ، في قوله جلّ من قائل : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) (١) وجعل طاعة الرسول صلىاللهعليهوآله طاعته ، ومعصية الرسول صلىاللهعليهوآله معصيته ، في قوله : ( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) (٢) وقال أيضا : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (٣) وحدّد جملة من التصرفات السيّئة ، واعتبرها سلبيّة ، وسبباً في إحباط الأعمال ، ناهياً عن الإتيان بها ومشدّداً على ذلك في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
_________________
(١) آل عمران : ٣١.
(٢) النساء : ٨٠.
(٣) النور : ٦٣.