تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) (١).
ومع ذلك فقد صدر عن ذلك الجيل المعاصر للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، والمعبر عنه بالصحابة ، ما أفاد بأنّ منهم من لم يستوعب الأمر ، ولم يأخذ بالنصيحة ، مظهراً موقفاً دلّ على جاهلية لم تغادر صاحبها ، وجهل بأبسط القيم التي جاء بها الدين الحنيف ، حيث تطاول منهم من تطاول على مقام النبيّ صلىاللهعليهوآله ، إلى درجة تجاهله وإلغاء دوره ».
فقلت له : أعتقد أنّك تتحدّث عن فئة المنافقين الذين كانوا يتربّصون برسول الله صلىاللهعليهوآله وبدينه الخاتم ، هؤلاء الناس قد كشف الوحي عوراتهم ، وأزاح الستر الذي كانوا يختبئون وراءه ».
فقال لي : « لكن هل تعرف منهم أكثر من واحد؟ وقد أرجف منهم بالنبيّ صلىاللهعليهوآله عدد كثير ، لماذا أهملت أسماء هؤلاء على خطورة ما يقدمون عليه ويسعون لتحقيقه ، وهو محق الدين ، وقتل النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ثمّ إنّ هؤلاء الذين كانوا من جيل النبيّ صلىاللهعليهوآله ، عاشوا معه في المدينة وما حولها ، ذهبوا معه وسافروا وحاربوا ، وحادثوه وسمعوا منه ، وشهدوا أنّه رسول الله ، ودخلوا في دين الله ، ماذا نسميهم ؟ أليسوا صحابة هم أيضا ، ألم يتطاول منهم من تطاول ، وعُرض على النبي صلىاللهعليهوآله قتله فقال صلىاللهعليهوآله : « لا دعه ، لا يتحدث الناس أنّ محمّداً يقتل أصحابه » (٢). لذا يجب أن يفهم المسلمون أن الصحابة جيل النبي صلىاللهعليهوآله ، لا يختلف في شي عن بقية أجيال المسلمين.
_________________
(١) الحجرات : ١ ـ ٤.
(٢) صحيح البخاري ٦ : ٦٦ ، ٦٧ ، صحيح مسلم ٨ : ١٩.