من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول. أصحابي أصحابي. فيقول : إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم ... » (١).
أمّا السبق والاتّباع ، فإنّه ليس محدّداً بزمن أو محصوراً في جيل من الأجيال ، لأنّ الله سبحانه وتعالى قد عدل بين الناس أمام طاعته وأعطاهم الفرص متكافئة.
وقد جاء ذكر المتأخرين من المسلمين عن ذلك العصر ، على لسان النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، بأنّهم أفضل أهل الإيمان إمكاناً (٢) فإنّهم سيؤمنون به بمجرد الاطلاع على حقيقة بعثته ، دون حاجة إلى مشاهدة معجزاته ، ولا حضور شخصه ، ورؤية صفاته.
أمّا من جهة إخراج الرواية فقد اتفق الجميع على صحّتها والاعتراف بمضمونها ، بدون أدنى حرج.
قلت له : « فما هي الحادثة ، ومن هو ذلك الصحابي ، وفي أي الكتب أخرجت ؟ »
فقال : « أخرج البخاري ومسلم وغيرهما بأسانيدهم عن ابن عباس أنّه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ ثمّ بكى حتّى خضّب دمعه الحصباء ، فقال : اشتدّ برسول الله صلىاللهعليهوآله وجعه يوم الخميس ، فقال : إئتوني بكتاب ، أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلىاللهعليهوآله. ( وفي رواية أخرى فقالوا : ما شأنه أهجر استفهموه ؟ فذهبوا يردون عليه ) قال : دعوني فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه » (٣).
_________________
(١) صحيح البخاري ٤ : ١١٠.
(٢) انظر المستدرك على الصحيحين ٤ : ٨٦ ، وتاريخ دمشق ٢٣ : ٣٢١ بلفظ آخر.
(٣) صحيح البخاري ٤ : ٣١ ، (٦٥) ٦٦ و ٥ : ١٣٧ ، صحيح مسلم ٥ : ٧٥ ، ٧٦.