وقد ترسّخت عقيدة تقديس الصحابة وتقديمهم بدلاً عن أهل البيت عليهمالسلام ، إلى درجة صعب معها مراجعة أكثر هؤلاء المقدّسين ، بسبب طول المدّة التي ظلّت فيها أجيالهم عاكفة على تلك الحالة ، فالعقبة إذاً ، هي في ركام تلك القرون وليس في محتواه ، لأنّ المحتوى لا يستند إلى أساس يعتمد عليه ».
قلت له : « إنّني أرى أنّ الإسلام بما حواه من عقيدة وشريعة ، قرآناً وسنّة نبوية وتاريخاً وسيرة ، لو لم يحمله الصحابة علماً وعملاً وجهاداً لما وصل إلينا منه شيء ».
قال : « إنّ هذا الدور الذي نسبته للصحابة ليس إلا لعليّ والأئمة من ذريته عليهمالسلام ، فدور الحفظ والهداية مناط بهم ، والنصوص تشهد لهم بذلك ، واستقامتهم في تطبيق الإسلام علوما وأخلاقا غير خافية أيضا ، وهذا تراثهم قائم بذاته ، قد ظهرت آثاره واضحة للعيان ، وقد سجّل التاريخ تصدّيهم للذبّ عن الدين بما مكّنهم الله سبحانه وتعالى من معارف وعلوم ، بينما ظهر احتياج الصحابة وغيرهم من الأجيال الإسلامية إليهم ، وقد سُئل الخليل بن أحمد الفراهيدي ، ما الدليل على إمامة علي عليهالسلام ، فقال : « احتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكلّ » (١) ، وظهر من عليّ عليهالسلام نفسه قوله المتكرر : « سلوني قبل أن تفقدوني » (٢) ». وقد اشتهر بين الحفاظ مقالة عمر نفسه : « لولا علي لهلك عمر » (٣).
قلت له : فهل يمكنك أنْ تقدّم لي الدليل على أحقيّة أهل البيت عليهمالسلام من خلال تراثهم.
_________________
(١) تنقيح المقال ١ : ٤٠٣.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٢ : ٣٥٢.
(٣) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ : ١١٠٣.