فقبلت شرط الرجل ، ومن الغد عاد إليّ ومعه ذلك المجلّد النفيس ، فتسلمته منه في شوق ، وحملته معي إلى البيت لأطالعه.
لقد كان ذلك الكتاب بحقّ ، الوسيلة التي عرّفتني بقيمة الأئمة الأطهار عليهمالسلام ، وبحقيقة الإسلام الذي تبنوه ، والذي يعرف بالإسلام الشيعي الاثني عشري ، نسبة إلى عدد أئمّة أهل البيت الاثنى عشر ، ووقفت على مدى ما يختزنونه من علوم إسلاميّة صافية ، لا درن عليها ولا بدع ، ولا محدثات فيها ، فقرّرت أن اعتنق الإسلام الشيعيّ الذي رأيته الأكمل والأصح ، خاصّة وهو لم يهمل جانب الحكومة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لا على مستوى النصح ولا على مستوى التعيين الإلهيين ، وجاءت علل الأحكام التي نقلها الشيخ الصدوق عقليّة ومنطقيّة ومتّفقة مع ذلك التشريع ومتجانسة معه ، دالّة على أنّ الناطق بها لم يختلقها من عنده ، وإنّما جاء بها من مصدرها الذي خرجت منه ، لسان الصدق ومنطق الحقّ الذي تركه النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله لأهل بيته الطاهرين من بعده ، وفهمت تبعاً لذلك ، أنّ بقيّة الفرق ما هي إلّا اجتهادات من طرف أصحابها ، لا ترقى إلى الدور الإلهي في الحفظ ، أو هي من صنيعة الطواغيت والظلمة ، لصرف الناس عن أحقيّة أهل البيت عليهمالسلام وحقيقتهم.