بيوم الأرض ، تعرّض فيها إلى تحليل الحالة التي آلت إليها الأمّة الإسلاميّة ، كان فصيح اللسان جريئاً ، في وسط طلابي كانت الصحوة الإسلامية فيه تشقّ خطواتها الأولى ، وقد ركزّ مداخلته على الأحداث التي أعقبت وفاة النبيّ ، ونظام الحكم الذي تمخّض عنها ، ورغم منطقيّة كلامه ، فقد جوبه الشاب بمقاطعات متعدّدة ، واستنكاراً من قبل بعض الحضور ، الذين كانوا يمثلون تيّاراً سياسيّاً إسلاميّاً معروفاً وقتها ، لم أخف إعجابي بمنطق الرجل ، وعند انتهاء التجمّع الطلابي ، ذهبت إليه وسلّمت عليه معرّفاً بنفسي ، فبادلني السلام والتعريف ، ثمّ قلت له : لا أُخفي عليك إعجابي بما تفضلت بقوله في مداخلتك ، غير أنّ لي بعض الاستفسارات التي ما تزال تحتاج إلى بيان بالنسبة لي ، بخصوص عصر الصحابة ، وعلاقته بأدوات التشريع ، ونظام الحكم في الإسلام.
فقال : هذه مواضيع ليست بالهيّنة ، وتحتاج إلى ترتيب واستفاضة ، وتتطلب كثيراً من الوقت والجهد الفكريّ ، لبيانها واستجلاء الحقيقة من أشباهها.
قلت له : لقد ألقيت باللائمة على الخلفاء الثلاثة الأوائل ، وحمّلتهم مسؤوليّة التفريط في مصدري التشريع الإسلاميّ ، وأعني بهما الكتاب والسنّة النبويّة المطهّرة ، فهل أنت واع لما كنت تقول ؟
قال : إنّ سياسة التعسّف على مصدَرَي التشريع الإسلاميّ ، وتغييب إحداها وهي السنّة النبوية ، وتعطيل القرآن بفصل التفسير عنه ، وإقالة أوعيته ومستحفظيه ، قد أدّت إلى فقدان الأمّة الإسلاميّة أسباب معرفة الدين وتحقيق مكاسبه التي أنزل من أجلها.
قلت له : أعتقد أنّك تتكلّم عن فترة ما بعد سقوط الخلافة الإسلاميّة ; لأنّ الدين لم يفقد إشعاعه وتأثيره وفاعليته إلّا بعد تلك الفترة المزدهرة.
قال : بل إنّني أتكلّم عن الفترة التي
أعقبت وفاة النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله
، وتحديداً