عن جيل الصحابة ودور الصحابة.
قلت له : لكن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم قد امتنعوا عن تدوين السنّة النبويّة خشية اختلاطها بالقرآن الكريم ، ولمّا انتهوا من تدوين القرآن ، انصرفوا إلى السنّة النبويّة فأعطوها حقّها.
فقال : كلامك لا يخلو من غرابة ، كأنّي بك تتحدّث دون التفات إلى ما تقوله عن مسألة لا علاقة لها بالدين.
قلت : ذلك ما تعلّمناه من مادّة التربية الإسلاميّة ، التي كنت أدرسها في المرحلة الثانوية ، وقد تكون عموميّة المعلومات فيها ، وسطحيّة تناولها ، عاملَين مانعين من الوقوف على الحقيقة كاملة فيما تعلق بالتدوين.
قال : إنّ الذي امتنع عن تدوين السنّة النبوية المطهرة ليس جميع الصحابة ، بل هم نزر يسير ، وقلّة قليلة منهم ، لا يتجاوز أفرادها عدد اليدين ، وذلك الامتناع وضع تحت عنوان تبريري مفاده : الخشية من اختلاط السنّة بالقرآن ، وهي دعوى عارية عن الصحة تماماً ، وتتعارض مع الإعجاز الذي أطلقه المولى سبحانه وتعالى بخصوص القرآن الكريم ، فقوله جلّ شأنه : ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (١). ثمّ تدرّج في تحدّيه نزولا إلى عشر سور ، ثمّ إلى سورة واحدة ، تأكيداً على أنّ البشر لا يستطيعون أنْ يأتوا بنزر يسير منه.
وقوله تعالى : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ) (٢).
قال أيضا : ( وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ) (٣).
_________________
(١) الإسراء : ٨٨.
(٢) هود : ١٣.
(٣) البقرة : ٢٣.