الأخ العزيز الذي دعاني إلى هذه الجلسة ، لأروي لكم كيفيّة انتمائي لخطّ أهل البيت عليهمالسلام.
كانت دار الاتّحاد العام التونسي للشغل قريبة جداً من بيت العائلة ، وكنت عند كلّ مناسبة أو تظاهرة أو اعتصام يقام هناك ، متواجداً للاطّلاع عن مجريات العمل النقابي ، والمستجدّات على الساحة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة للبلاد ، فدار الاتّحاد كالمختبر الذي تكتشف فيه أعراض السقم ، وأعراض الصحّة في المجتمع والدولة والبلاد.
التقيت به في احتفال بعيد العمّال العالمي ، دأب على تنظيمه الاتّحاد العام التونسي للشغل ، شأنه في ذلك شأن كلّ اتّحادات العمّال في العالم ، وكنت أعرفه من قبل ، من خلال الجيرة الطويلة التي ربطت عائلتي بعائلته ، قبل أنْ تُفرّق الظروف بيننا ، سررت بلقائه من جديد بسبب موقفه منّي ، فهو لم يقطعني لصلتي الوثيقة بالماركسيين ، وتعاملي معهم على المستويين الفكري والتنظيمي ، كان يعتبر ذلك من حقّي كفرد في أنْ أمارس بحريّة ما يقرّره عقلي ، وتستخلصه قناعتي ، ويعتقده ضميري من فكر.
كان يعرف جيّداً مدى تديّن عائلتي ، وحرصها الشديد على تنشئة أبنائها وفق الدين الإسلامي اعتقاداً وسلوكاً ، ولم يكن شذوذي عن تلك التربية ، مروقا عن القيم والمقدّسات ، لأنّني بقيت محتفظاً بتلك الأسس في أعماق نفسي ، وإنّ الذي حاد بي عن طريق خالقي ليس إلّا اختلاقات البشر وتحريفاتهم ، حتّى انجازات الثورة الإسلاميّة في إيران ، لم تتمكن من الوصول إلى أدعياء الفكر التحديثي ( اليسار الماركسي والقومي ) إلّا مشوّشة ومشوّهة ، بما كانت تلفّقه عنها قوى الاستكبار العالمي ، ومثلّث الشرّ الحقيقي أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.
رحبت برفيق صباي وشبابي ، وبعد تبادل
قبلات الودّ واستحضار بعض