قال : ولم ؟.
قال : أنا شيخ كبير والغلمان لا يفون بالأعمال.
قال : هيهات هيهات ، إنّي لأعلم من أشار عليك بهذا ، موسى بن جعفر.
قال : مالي ولموسى بن جعفر ؟.
قال : دع هذا عنك فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك (١).
ومن أجل إضفاء الشرعيّة على أنظمتهم ، سعى ملوك بني العباس إلى استمالة أئمّة أهل البيت ، بعد أنْ استطاعوا استمالة أغلب الفقهاء والرواة والحفّاظ ، وكانت للمنصور الدوانيقي محاولة فاشلة مع الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، فقد وجّه إليه رسولاً ومعه رقعة كتب فيها : لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس ؟ فردّ عليه أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : « ليس لنا ما نخافك من أجله ولا عندك من امر الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنيك ، ولا تراها نقمة فنعزيك بها فما نصنع عندك » فردّ عليه الدوانيقي : تصحبنا لتنصحنا. فردّ الإمام الصادق عليهالسلام : « من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك » (٢).
وكلّفت كلّ تلك المواقف أئمّة أهل البيت عليهمالسلام مزيداً من التضييق والسجن والقتل ودسّ السمّ لهم ، من طرف المتسلطين على الأمّة ، فلم يمنعهم ذلك من المضيّ قدماً في مواقفهم ، التي كانت تمثّل التطبيق الصحيح للدين ، الذي جاء به جدّهم رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وسمة الثورة والاستماتة على الحقّ ، التي ميّزت هذا الخطّ ، جعلت أعناق الأحرار والتوّاقين إلى العزّة تلتفت إليه وتتّجه نحوه.
وأنت ترى اليوم أنّ الفكر الماركسي ، والثورة البلشفيّة التي تمخّضت عنه ، لم
_________________
(١) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٧٤٠.
(٢) كشف الغمّة ٢ : ٤٢٧.