إلى نفسه نسباً باطناً فوق نسبه الظاهر فقال : « حسين منّي وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسينا » (١).
قلت له : كلّ ذلك واضح وصحيح ونعترف به ، مع أنّنا لا نجد فيه مبرّراً لإقامة تلك المراسم.
فقال : ذلك ممّا لم تتبيّنه أنت ولا أتباع خطّك ، من خلال رؤيتكم للأشياء بعين العصبية المذهبيّة ، لذلك فإنّني أرجو أنْ لا تقاطعني حتّى أكمل كلامي في بيان حجّتي المتمثلة في الحزن على أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، في محنته ومصيبته يوم عاشوراء ..
سكت قليلاً ثمّ قال : هل تعلم أنّ من بين التكاليف التي ألقيت على جميع المسلمين ، مودّة قربى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقد جاء ذلك في قوله تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٢) وقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن ماهيّة القربى الذين أشارت إليهم الآية ؟ فقال : « علي وفاطمة وأبناهما ». وقد أراد الله تعالى أنْ يكرم نبيه بأن ألزم المسلمين محبّة قرباه صلىاللهعليهوآله واحترامهم ، وتقديمهم ، وتبجيلهم ، وتوقيرهم ، وجعل ذلك أجراً لرسالة الإسلام التي جاء بها إلى الأمّة ، وذلك كلّه يندرج في معاني المودّة التي تضمنتها الآية الشريفة. ومودّة القربى تلك كماترى ، أصبحت تكليفاً واجباً على كلّ جيل من أجيال المسلمين ، ممّا يترتب عليه بالنسبة إلى تلك الأجيال أن تلتزم بإيفاء النبيّ صلىاللهعليهوآله حقّه في مودّة قرباه ، طاعة لله تعالى وامتثالا لأمره. ومحنة الإمام أبي عبد الله الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء هي محنة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وخروجه طلباً للإصلاح ، هو طاعة لله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله ، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
_________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٣٢٤ ، مسند أحمد ٤ : ١٧٢.
(٢) الشورى : ٢٣.