ليسكن عنه طلب جلاوزة يزيد ، فرفض من أجل أنْ لا تنتهك حرمة البيت العتيق.
فالفرق واضح بين الثورتين ، ثورة أسّست لثورات عديدة تمكّنت من الثأر للحسين عليهالسلام ، وللمبادىء التي حملها ، ولا تزال تقدّم المزيد من الشهداء ، ولا يزال الأحرار يقتبسون من سيرتها ونهضتها الفريدة ، أسلوب الثورة الحقيقيّة ، الخالية من كلّ أطماع الدنيا ، بينما لم يبق لابن الزبير وثورته غير أسطر معدودة ذكرها التاريخ على مضض.
قلت : فلماذا لا يضع أهل السنّة ثورة الحسين رضياللهعنه ، ومصيبته في كربلاء موضعها الصحيح الذي يراه الشيعة ؟
قال : لأنّ سياسة الظالمين كانت وراء ذلك التجاهل والجفاء ، وقد نهجتْ طرقاً ملتوية من أجل طمس معالم تلك الثورة ، حتّى ظهر من علمائهم من زعم أنّ الحسين قتل بسيف جدّه (١).
قلت : بارك الله فيك يا أخي ، فهل لديك كتاب يروي تفاصيل تلك النهضة المباركة فإنني أجهل تفاصيلها كما لا يخفى عليك.
قال : وأخيراً ألفت انتباهك إلى نقطة مهمّة في هذا الإطار تقول : إنّ الذين لم يرعوا حرمة النبيّ صلىاللهعليهوآله بقتلهم الإمام الحسين وأهل بيته عليهمالسلام ، لا يمكنهم مراعاة حرمة سنّته ، ولا إعطائها القيمة التي تستحقّ ، وهي التي لم تكتب عند هؤلاء إلى ما بعد شهادة الإمام الحسين عليهالسلام بأكثر من نصف قرن فقتل أبي عبد الله الحسين عليهالسلام وذبحه وقطع رأسه الشريف والتمثيل بجثمانه الطاهر ، ما هو في
_________________
(١) وهو ابن العربي المالكي كما نصّ على ذلك المناوي في فيض القدير ١ : ٢٦٥ ، ٥ : ٣١٣ والآلوسي في تفسيره ٢٦ : ٧٣ ، ونقل ابن حجر على أنّه ابن خلدون المالكي كما نقل ذلك السخاوي في الضوء اللامع ٤ : ١٤٧.