حقيقته وواقعه إلّا قتل للنبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وذبح لسنّته ودينه ، وأنت ترى اليوم أنّ مدرسة الإمام الحسين عليهالسلام قد أظهرت مكانتها ، وتجلّت أحقيّتها في هؤلاء الأبرار الذين يبذلون النفس والنفيس من أجل إعلاء كلمة الحقّ ، بينما لم يظهر من الجانب الآخر غير المواقف المزرية والتبعيّة المذلّة للظلم والظالمين.
ولمّا لاحظ شدّة اهتمامي وإلحاحي عليه أجاب قائلاً : سوف أعطيك كتاب يشفي غليلك.
وتملّكني شعور بالانكسار والخجل من كلّ أسئلتي التي نطقت بلسان تربية مذهبيّة بغيضة ، أسّسها الغاصبون لحكومة الإسلام ، والعابثون بمقدّرات الإسلام والمسلمين ، فزدتُ في إلحاحي على الرجل لكي يستعجل في الإتيان بالكتاب ، فما كان منه إلّا أنْ لبّى طلبي ، وعاد إليّ بعد برهة وهو يحمل كتابا عن ثورة الإمام الحسين عليهالسلام.
قرأت الكتاب ، بل التهمت محتواه التهاما لم يحصل لي أن فعلته بكتاب قبله ، فأحداثه وقصّته حتّمت عليّ ذلك .. وبكيت كما لم يبك أحدٌ من الناس ، وعلا صوتي في البيت بصورة لم يكن في إمكان عائلتي التغاضي عن ذلك ، فهرعوا إلى بيتي مُسرعين ، تحلّقوا حولي ليستجلوا الأمر ، لم أقدر على أنْ أمسك نفسي ، فلم أرد على أحد إلّا بعد أنْ أخذت أمّي برأسي ، ووضعته على صدرها ، وانخرطت هي معي في بكاء لا تعرف المسكينة له سبباً.
ولمّا هدأت أشجاني ، حدّثتهم عن مصيبة الإمام الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء ، والتي هي في حقيقة الأمر مصيبة رسول الله صلىاللهعليهوآله في ريحانته وأهل بيته عليهمالسلام ، وقرأتُ عليهم مقاطع من تلك المصيبة ، فكان تأثير ذلك كبير إلى حدٍّ دفع بهم إلى البكاء.