شخصيّتي ، وهي التي كان لها الأثر البالغ في نموّ الحس الإنساني في داخلي ، وتحوّلت البذرة إلى شجرة مورقة ضاربة العروق في أعماق عقلي وقلبي وكياني ، وأينعت ثمارها في ضميري قناعة لا تتزحزح أبداً من أنّ الظلم والظالمين ليس لهم مكان في شخصي وفي حياتي ; لذلك فإنّني أتقرّب إلى الله تعالى بكرههم وبغضهم والبراءة منهم ، ومقارعتهم لو أجد لهم قوّة.
ومرّت الأيام وفارقت مدينة قابس سنين طويلة ، وعصفت بي ظروف عديدة ، يطول المقام بذكرها وشرحها ; إذا إنّها كانت تتعلّق برفض الظلم ، ومقارعة الظالمين.
عدت إلى مدينة قابس سنة ١٩٨٠ بعد أن فارقتها سنة ١٩٦٣ ، كأنّما قُدّر لي أنْ أعود إلى أجواء الصورة التي كنت شاهدتها في صغري ، وأجواء حكايات جدّتي رحمها الله عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وكأنّما قدّر لتلك البقعة أنْ تكون ، منطلق الرؤية والتصوّر الجديد عن الإمام عليهالسلام.
كنتُ أعرف جيّداً أنّ لي بها ابن عمّ ، وكان أوّل عمل قمت به عند وصولي ، التوجّه إليه ، فاستقبلني ورحّب بي ، وأعلمته بأنّني جئت أبحث عن عمل يناسب اختصاصي ، ولم يدم بحثي طويلاً ، إذ سرعان ما وجدت عملاً في إحدى شركاتها الكبرى.
باشرت عملي بحمد الله تعالى ، وكان عليّ أن أتزوّج سريعاً ، فقد بلغت من العمر ٢٧ سنة ، وتزوّجت في صيف تلك السنة مودّعاً العزوبيّة ، واستقررت في بيت مستقلّ أنا وزوجتي ، تقاسمت فيه معها تقلّبات الزمن وابتلاءات قضاء وقدر الله تعالى ، ورزقنا ذرية طيبة ، والحمد له على نعمائه التي لا تحصى.
في أحد الأيّام ، قصدت بيت ابن عمّي ،
ولمّا انتهيت إليه ، حدّثني قائلاً : هل تعرف شيئاً عن الشيعة ؟ فأجبته بالنفي. فقال : لقد كنت ذهبت منذ مدة إلى مدينة