المهدي عليهالسلام ، فقال : صحيح ، لقد قرأت في بعض المصادر عدداً من الأحاديث التي أخبرت بالمهدي وخروجه ، لكنها ضعيفة ، ولم يأنس لها أكثر العلماء ، والمسألة يدّعيها الروافض ، ويروّجون لها ، وهي من عقائدهم الهامّة. فقلت له : من هم هؤلاء ؟ فقال : هم الشيعة الذين يسبّون السلف الصالح ، ويتبرءون من الشيخين. فقلت له : ألا تعتقد أنت بأنّ فكرة المهدوية وجيهة ومنطقية ؟ فأجاب قائلا وهو يتحرك منصرفا : لا مهدي بعد محمد صلىاللهعليهوآله.
أغلق الرجل بانصرافه متعجلاً باب السؤال والحوار ، كأنّما يريد أن يغيّب عنّي الصورة التي حصلت لدي ، ويُميّع القضيّة من الأساس ، فوجدت نفسي مندفعاً للنظر في ذلك الخط الذي حذرني منه إمام الجماعة ، فقد يكون ما يحمله عنهم خطأ ، أو هو من الموروث الخاطىء الذي كنت متعلّقاً به دون شعور بانحرافه ، وبمرور الأيام وتنوع مطالعاتي ، بدأت أعتقد بصحّة فكرة المهدي المنتظر عليهالسلام ، رغم التقصير الأشعري ( السنّي ) في هذه النقطة.
أحاديث البشارة بخروج رجل من أهل بيت النبوّة آخر الزمان ; ليقيم أسس الدين الإسلامي ، ويحكم بشريعته أمم العالم التي أعيتها الشرائع الباطلة والمحرّفة ، وأنهكها الظلم وأهله ، تلك الأحاديث بلغت من الكثرة بحيث عدّها المتتبعون لها فكانت أكثر من ثمانين حديثا عند الخط الأشعري وآلاف الروايات عند خطّ أهل البيت عليهمالسلام ، وفي كلا الخطين فإنّ عددها لا يدلّ على أنّها من الأحاديث الضعيفة ، بل العكس صحيح.
إذاً ، تطوّرت فكرة الإمام المهدي عندي
، قبل أن أقرأ عنه في كتب الشيعة ، تلك الفرقة التي حاصرها الطغاة والجبابرة والظالمون ، على مدى العصور ، وعلى مرّ التاريخ ، وقد عرّفني كتاب « الشيعة والحاكمون » للشيخ محمد جواد مغنية رحمهالله تعالى عليه ، بالواقع المأساوي الذي عاشه الشيعة طيلة خمسة عشر قرنا ، وعلى صغر حجم الكتاب ، فإنّه قد أدى الفكرة ، وأعطى بصورة مجملة ما كان يرجوه