لذلك ، فإنّ الإقرار بعصمة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، يؤدي إلى الاعتراف بعصمة أهل بيته الأطهار عليهمالسلام ، وذلك مدعاة إلى نقض ما بناه الغاصبون لحقوق خلفاء الرسول الحقيقيين ، من كون أنّ نظريّة الحكم في الإسلام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله هي على أساس من الشورى وليست بالنصّ كما يحتجّ بذلك المسلمون الشيعة وأئمتهم عليهمالسلام ، فاتّجهوا إلى الحطّ من مقام سيّدهم الأكبر حتّى يهون مقامهم.
هكذا إذاً بُخِس حقّ إمام المرسلين صلىاللهعليهوآله ، واستغفل أتباعه ، فتطاولوا على شخصه ومقامه ، وبقوا على تلك الحال رغم النداءات المتكررة ، التي أطلقها أهل البيت عليهمالسلام وعلماؤهم وأتباعهم ، والتي دعت إلى إنصاف رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإعادة حقّه في كونه أفضل المخلوقات على الإطلاق ، وما يترتب على ذلك من الإقرار بعصمته الكاملة ، وردّ جزء من الجميل الذي قدّمه للأمة الإسلامية ، ومودة قرباه الذين نكل بهم الظالمون في تفريط وغفلة وسهو من أسلافنا.
إنّنا جميعاً مطالبون أمام الله بالوفاء بتكاليفنا ، ومن أخل بأيّ واجب فإنّما يسي لنفسه ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله ليس محتاجا للوفاء بتكاليفنا تلك بقدر ما نحن في أمسّ الحاجة إلى ذلك ، تبرئة لذممنا اتجاهه وطاعة لله تعالى في تكريم رسوله وتعظيمه وطاعته ومحبته.
وإذا كنتم أيّها الإخوة بالفعل تحبّون رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلماذا تعكفون على باطل مثل الذي ألصق به ، لماذا لا تتبرؤون من معتنقي مثل تلك الخزايا ، إذا لم يرجعوا عنها ويرفضوها ، مهما كان العنوان الذي غُلّفت به ، لماذا كلّ هذه الجفوة لأهل بيت المصطفى صلىاللهعليهوآله ، وقد أُمرنا بمودتهم ، والمودّة ما هي إلّا اتّباعهم ، قال تعالى : ( إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) (١). ولو أُمِرَ هؤلاء المتأسلمون بجفائهم لما أمكنهم أن يأتوا بجفاء أكثر مما هم عليه.
_________________
(١) آل عمران : ٣١.