باب الإمارة لفت إنتباهي حديث : « الاثني عشر خليفة »
وتساءلت يومها عن هؤلاء الخلفاء من يكونون ؟ وهل صحيح أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ذكرهم عدداً ولم يذكرهم أسماء ؟
وما علاقة العدد (١٢) بالعدد القرآني المتكرر في الأسباط ، وفي الحواريين ، وفي العيون الاثني عشر التي انبجست لموسى ، والأمم الاثني عشر ، وفي عدّة الشهور ، ومنازل القمر ، وأبراج السنة ؟
لا شك أنّ الرقم له دلالة غيبية ، متعلقة بالسنن الكونية التي أرساها الله سبحانه وتعالى ، لتتحرك في إطارها كلّ الموجودات على سطح الأرض. قال تعالى : ( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) (١).
الحديث في مضمونه يشتمل على إعلام غيبي هام بمن سيلي أمر الحكومة بعد النبي صلىاللهعليهوآله ، ولو قدّر له أن يصل إلى جميع المسلمين سالما من التحريف الذي وصلنا عليه ، لكان أمر الحكومة قد حسم منذ البداية.
الحديث كما أخرجه أصحاب المجاميع الروائية عند خط السقيفة كالآتي :
عن جابر بن سمرة قال قال النبي صلىاللهعليهوآله : « لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثني عشر خليفة » قال ثم تكلم بشي لم أفهمه فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : « كلهم من قريش » (٢) إن الكيّس الفطن لا يمكنه المرور على الرواية ، دون أن يسجّل ملاحظاته على ما جاء فيها من محاولة طمس لبيان النبي صلىاللهعليهوآله لأسماء خلفائه ، بعد أن ذكر عدّتهم ، ويظهر أنّ المحدّث أو مَن حرّف الرواية قد استعاض عن الأسماء بالقول إنّ كلمة قد خفيت عليه ، وبالجواب الذي جاء من أنّهم من قريش ، وفي ذلك كلّه دليل على المنحى التحريفي ، الذي انتهجه حكّام الأمّة من بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ، في
_________________
(١) الفتح : ٢٣.
(٢) صحيح مسلم ٦ : ٣ ، ٤. وانظر صحيح البخاري ٨ : ١٢٧ ، مسند أحمد ١ : ٣٩٨ ، ٤٠٦ و ٨٦ ، ٨٧ ، ٨٨ وغيرها.