بمسح الرجلين في الوضوء ، هم قلة قليلة من الروافض ، والملقّبون أيضاً بالشيعة. تنفست الصعداء ، وشكرتُ من أعماقي صاحب التعليق ، الذي أرجو أنْ يكون والدي المرحوم ، أنا الذي كنت معتقدا أنّني وحدي في اعتقادي بصحة ظاهر آية الوضوء ، ولا تحتمل الفلسفة والتأويل ، ومنذ ذلك الحين بدأت ألتفتُ إلى كل شي له علاقة بالرفض والتشيّع ، فكانت الثورة الإسلاميّة في إيران إحدى اهتماماتي ، فوجدت فيها مخزوناً مختلفاً عن الذي كنت أعيش وسطه ، وزادني تحقّقاً ويقيناً معرفة الأخ محمد الذي تحادث معي ، وبيّن لي عدداً من المسائل التي كنت متحيّراً فيها ، ومدّني بكتب زادتني بصيرة في اتّباع خطّ أهل البيت عليهمالسلام ، فآية الوضوء مثلاً ، التزم فيها الشيعة بالمسح ، امتثالا لأمر الله تعالى في حكم الرجلين في الوضوء ، وإتّباعاً لتطبيق النبيّ الأكرم ، وأهل بيته الطاهرين عليهمالسلام الذين أخذوا عنه ذلك الحكم ، ويؤيده أنّ التّيمم الذي هو بديل للوضوء يفيد المسح ، وبمقارنته بآية الوضوء كما صرّحت الأخبار بذلك ، نجد أنّ المغسول في الوضوء يمسح في التيمّم ، والممسوح في الوضوء يسقط في التيمّم (١) ، فسقط بذلك الرأس والرجلان ، هذا مضافاً إلى أنّ عليّاً وأهل بيته عليهمالسلام ، كانوا يمسحون أرجلهم في الوضوء ، ولم يثبت غسل الرجلين إلّا عبر طغاة بني أميّة ، وجلوازهم الحجّاج بن يوسف الثقفي ، الذي أخرج الطبري في تفسيره للآية ، ما يفيد تورطه في إجبار الناس على غسل الرجلين في الوضوء ، إمعاناً في إبطال آثار علي عليهالسلام ، كأنّما آثار علي عليهالسلام مخالفة للإسلام.
فقد أخرج الطبري بسنده إلى حميد قال : قال موسى بن أنس لأنس ونحن عنده : يا أبا حمزة ، إنّ الحجّاج خطبنا الأهواز ونحنُ معه ، فذكر الطهور ، فقال : « اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ، إنّه ليس شيء من
_________________
(١) تفسير الطبري ٥ : ١٥٦.