ابن آدم أقرب إلى خبثه من قدميه ، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما ». فقال أنس : صدق الله وكذب الحجّاج ، قال الله : « وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ».
ولا شك في أنّ الجماعة حين كانوا بالأهواز قد استرابوا من كلام الحجّاج ، لأنّ الرجل ممّا لا يخفى على أحد في الظلم والدموية ، يأخذ المشتبه بالظن والريب ، وعانى منه الشيعة الويلات ، فمثّل بمن مثّل منهم ، سمر وسمل العيون ، وقطع الأيدي والأرجل وصلب على جذوع النخل ، وقطع الرؤوس ، وقتل من قتل ، وسجن من سجن ، وعذب من عذب ، فجلا من شرّه من استطاع أنْ لا تطاله يده.
وفي أثناء عودة أولئك الرجال من الأهواز إلى البصرة ، مرّوا على أنس بن مالك الصحابي ، الذي كان حيّاً وقتها ، وحدّثوه بما قاله الحجاج في خطبته ، فقال أنس : صدق الله وكذب الحجّاج.
ومع أنّ المالكية قد أثبتوا في وضوءهم حكم غسل الرجلين في الوضوء ، إلّا أنّهم قالوا بخلافه في السفر ، فأجازوا مسح الرجلين ثلاثة أيّام ، وقالوا أيضاً بجواز المسح على الخفين والجوارب ، فتراهم لا يقرّون بالمسح مباشرة على الرجلين ، ثمّ ينقضون ذلك بالقول بالمسح على الحائل.
أما ما أخرجوه من أنّ حمران مولى عثمان بن عفان ، هو الذي أراهم الوضوء الذي رأى عثمان يفعله (١) ، أو ما نقلوه عن عبد الله بن زيد كيف أراهم وضوء النبي صلىاللهعليهوآله (٢) ، فذلك لا يعني بالضرورة وضوءه ، طالما أنّ الروايتين مخالفتين للآية ، ومتعارضتين مع ما وافق الكتاب العزيز ممّا جاء عن العترة الطاهرة ـ التي هي ثقله وعدله في الحفظ والبيان والتطبيق.
_________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٤٨.
(٢) صحيح مسلم ١ : ١٤٥.