إنكم يا امة محمد أصغر القوم وخير الامم قال الله : « وكذلك جعلنا كم امة وسطا » (١)
فقال لهم أوسطهم : اتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا فبطشوا به وضربوه ضربا مبرحا ، فلما أيقن الاخ أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لامرهم غير طائع
فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله أن يصرموا إذا أصبحوا ولم يقولوا إنشاء الله ، فابتلاهم الله بذلك الذنب ، وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه ، فأخبر عنهم في الكتاب قال : « إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصر منها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون * فأصبحت كالصريم » قال : كالمحترق
فقال الرجل : يا ابن عباس ما الصريم؟ قال : الليل المظلم ، ثم قال : لاضوء له ولا نور ، فلما أصبح القوم « تنادوا مصبحين * أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين » قال : « فانطلقوا وهم يتخافتون » قال : وما التخافت يا ابن عباس؟ قال : يتشاورون يشاور بعضهم بعضا لكي لايسمع أحد غيرهم ، فقالوا : « لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين * وغدوا على حرد قادرين » وفي أنفسهم أن يصرموها ولا يعلمون ما قد حل بهم من سطوات الله ونقمته
فلما رأوها وعاينوا ما قد حل بهم « قالوا إنا لضالون * بل نحن محرومون » فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ، ولم يظلمهم شيئا « قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون * قالوا سبحان ربنا أنا كنا ظالمين * فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون » قال : « يلومون أنفسهم فيما عزموا عليه قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين * عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون » فقال الله : « كذلك العذاب و لعذاب الاخرة أكبر لوكانوا يعلمون » (٢)
__________________
(١) البقرة : ١٤٣
(٢) تفسير القمى : ٩١ ـ ٩٣