فصد النبي صلىاللهعليهوآله فأنزل الله عزوجل « يسألونك عن الانفال » والانفال اسم جامع لما أصابوا يومئذ مثل قوله « ما أفاء الله على رسوله » ومثل قوله : « ما غنمتم من شئ » ثم قال : « قل الانفال لله والرسول » فاختلجها الله من أيديهم فجعلها لله ولرسوله ثم قال : « فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله و رسوله إن كنتم مؤمنين ».
فلما قدم رسول الله المدينة أنزل الله عليه « واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمس وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إنكنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان » فأما قوله « لله » فكما يقول الانسان : هو لله ولك ، ولا يقسم لله منه شئ فخمس رسول الله الغنيمة التي قبض بخمسة أسهم ، فقبض سهما لرسول الله (١) يحيى به ذكره ، ويورث بعده ، وسهما لقرابته من بني عبدالمطلب ، وأنفذ سهمالايتام المسلمين ، وسهما لمساكينهم ، وسهما لابن السبيل من المسلمين في غير تجارة ، فهذا يوم بدر ، وهذا سبيل الغنائم التي اخذت بالسيف.
وأما مالم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فان كان المها جرون حين قدموا المدينة أعطتهم الانصار نصف دورهم ونصف أموالهم ، والمهاجرون يومئذ نحو مائة رجل فلما ظهر رسول الله عليهالسلام على بني قريظة النضير ، وقبض أموالهم ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : للانصار : إن شئتم أخرجتم المهاجرين من دوركم وأموالكم وقسمت لهم هذه الاموال دونكم ، وإن شئتم تركتم (٢) أموالكم ودور كم وأقسمت لكم معهم قالت الانصار : بل اقسم لهم دوننا ، واتركهم معنا في دورنا وأموالنا.
فأنزل الله تبارك وتعالى « ما أفاء الله على رسوله منهم » يعني يهود قريظة « فما أو جفتم عليه من خيل ولا ركاب » لانهم كانوا معهم بالمدينة أقرب من أن يوجف عليهم بخيل ولاركاب ، ثم قال : « للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلامن الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون » فجعلها الله لمن هاجر من قريش مع النبي صلىاللهعليهوآله وصدق ، وأخرج
__________________
(١) في المصدر : فقبض سهم الله لنفسه.
(٢) تركتموهم في أموالكم ظ.