فرآى امرأة علوية على بعض المزابل تنتف ريش بطة ميتة ، قال : فتقدمت إليها وقلت : لم تفعلين هذا؟ فقالت : يا عبدالله لاتسأل عمالا يعنيك ، قال : فوقع في خاطري من كلامها شئ فألححت عليها فقالت : يا عبدالله قد ألجأتني إلى كشف سري إليك ، أنا امرأة علوية ولي أربع بنات يتامى ، مات أبوهن من قريب وهذا اليوم الرابع ما أكلنا شيئا وقد حلت لنا الميتة فأخذت هذه البطة اصلحها وأحملها إلى بناتي فيأكلنها.
قال : فقلت في نفسي : ويحك يا بن المبارك أين أنت عن هذه فقلت افتحي حجرك ففتحته فصببت الدنانير في طرف إزارها وهي مطرقة لاتلتفت إلى قال : و مضيت إلى المنزل ونزع الله من قلبي شهوة الحج في ذلك العام ثم تجهزت إلى بلادي وأقمت حتى حج الناس وعادوا ، فخرجت أتلقى جيراني وأصحابي فجعلت كل من أقول له : قبل الله حجك وشكر سعيك ، يقول : وأنت شكر الله سعيك وقبل حجك ، أما قد اجتمعنا بك في مكان كذا وكذا ، وأكثر على الناس في القول ، فبت متفكرافي ذلك فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في المنام وهو يقول لي : يا عبدالله لاتعجب ، فانك أغثت ملهوفة من ولدي فسألت الله تعالى أن يخلق على صورتك ملكا يحج عنك كل عام إلى يوم القيامة ، فان شئت تحج وإن شئت لاتحج (١).
ونقل أيضا في كتابه عن ابن أبي الدنيا أن رجلا رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامه وهو يقول : امض ألى فلان المجوسي وقل له : قد اجيبت الدعوة ، فامتنع الرجل من أداء الرسالة لئلا يظن المجوسي أنه يتعرض له ، وكان الرجل في دنيا وسيعة.
فرأى الرجل رسول الله صلىاللهعليهوآله ثانيا وثالثا ، فأصبح فأتى المجوسي وقال له في خلوة من الناس : أنا رسول رسول الله صلىاللهعليهوآله إليك وهو يقول لك : قد اجيبت الدعوة ، فقل له : اتعرفني؟ قال : نعم ، قال : إني انكردين الاسلام ونبوة محمد
__________________
(١) كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ١٦٧ ، تذكرة خواص الامة ٢٠٦.