فقال : لابد من أن تخبرني بالخبر ، قال : نعم لما فرغنا مما كنا فيه من إطعام الناس بقيت لنا فضول كثيرة من الطعام ، وادخلت إلي المرأة ، فلما خلوت بها ودنوت منها ، وقف سائل بالباب ، فقال : يا أهل الدار واسونا مما رزقكم الله فقمت إليه فأخذت بيده ، وأدخلته وقربته إلى الطعام ، وقلت له : كل ، فأكل حتى صدر ، وقلت : ألك عيال؟ قال : نعم ، قلت : فاحمل إليهم ما أردت فحمل ما قدر عليه ، وانصرف وانصرفت أنا إلى أهلي ، فحمد الله أبوه وأخبره بالخبر.
وعن علي بن الحسين عليهالسلام أنه نظر إلى حمام مكة ، فقال : أتدرون ماسبب كون هذا الحمام في الحرم؟ قالوا : ما هو يا ابن رسول الله؟ قال : كان في أول الزمان رجل له دار فيها نخلة قد أوى إلى خرق في جذعها حمام ، فاذا أفرخ صعد الرجل فأخذ فراخه فذبحها ، فأقام بذلك دهرا طويلا لايبقى له نسل فشكا ذلك الحمام إلى الله ما ناله من الرجل فقيل له : إنه إن رقى إليك بعد هذا فأخذ لك فرخا صرع عن النخلة فمات.
فلما كبرت فراخ الحمام رقى إليها الرجل ووقف الحمام لينظر إلى ما يصنع به ، فلما توسط الجذع وقف سائل بالباب فنزل فأعطاه شيئا ثم ارتقى فأخذ الفراخ ونزل بهافذبحها ولم يصبه شئ.
قال الحمام : ما هذا يا رب؟ فقيل له : إن الرجل تلافى نفسه بالصدقة فدفع عنه ، وأنت فسوف يكثر الله نسلك ويجعلك وإياهم بموضع لا يهاج منهم شئ إلى أن تقوم الساعة ، وأتى به إلى الحرم فجعل فيه.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : السائل رسول رب العالمين فمن أعطاه فقد أعطى الله ، ومن رده فقد رد الله.
وعن علي صلوات الله عليه أنه قال : لا تردوا السائل (١) ولو بشق تمرة و أعطوا السائل ولوجاء على فرس ، ولا تردوا سائلا جاء كم بالليل ، فانه قد يسأل من ليس من الانس ولا من الجن ، ولكن ليزيد كم الله به خيرا.
__________________
(١) في المصدر المطبوع : ردوا السائل.