ملكين يظلان رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم من الشمس فوعى ذلك كله ميسرة ، وكأن الله قد القى عليه المحبة من ميسرة ، فكان كأنه عبد له ، وباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ما كانوا يربحون ، فلما رجعوا فكانوا بمر الظهران قال ميسرة : يا محمد انطلق الى خديجة فأخبرها بما صنع الله لها على وجهك فانها تعرف لك ذلك ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى دخل مكة في ساعة الظهيرة ، وخديجة في علية لها فرأت رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وهو على بعيره وملكان يظلان عليه ، فأرته نساءها فعجبن لذلك ، ودخل عليها رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فخبرها بما ربحوا في وجههم ، فسرت بذلك ، فلما دخل ميسرة عليها أخبرته بما رأت ، فقال : قد رأيت هذا منذ خرجنا من الشام ، وأخبرها بما قال الراهب نسطور ، وبما قال الآخر الذي خالفه في البيع ، وقدم رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم بتجارتها فربحت ضعف ما كانت تربح ، واضعفت له ضعف ما سمت له .
[ الإِصابة ج ١ القسم ٣ ص
١٨١ ] قال : ذكر الهيثم بن عدي في الأخبار عن سعيد بن العاص ، قال : لما قتل ابي العاص بن سعيد بن العاص يوم بدر كنت في حجر عمي أبان بن سعيد بن العاص ، فخرج تاجراً الى الشام فمكث سنة ثم قدم ، وكان يكثر السب لرسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، فاول شيء سأل عنه أن قال : ما فعل محمد : فقال له عمي عبد الله هو والله في عز ما كان ، واعلاه امراً ، فسكت أبان ولم يسبه ، ثم صنع طعاماً وأرسل الى سراة بني امية ، فقال لهم : اني كنت بقرية فرأيت بها راهباً يقال له بكاء لم ينزل الى الأرض أربعين سنة فنزل يوماً واجتمعوا ينظرون اليه فجئت فقلت لهم : ان لي حاجة فخلا بي ، فقلت : اني من قريش وان رجلاً منا خرج يزعم ان الله أرسله ، قال : ما اسمه قلت محمد ، قال : منذ كم خرج ؟ قلت : منذ عشرين سنة ، قال : ألا أصفه لك ؟ قلت : بلى ، قال : فوصفه