من المغرب الى المشرق.
فالبلد المغربي جاز ان يرى فيه الهلال ، ولا يرى في البلد المشرقي ؛ لان حدبة الارض مانعة لرؤيته.
ولان غروبه في الاول بعد غروبه في الثاني بساعة مثلاً ، فيخرج بقدرها عن تحت الشعاع ، فيكون ممكن الرؤية في هذا البلد دون ذاك ، فكلما كان البلد اغرب ، كانت رؤية الهلال فيه امكن واقرب.
وبالجملة اختلاف الاهلة انما هو باختلاف البلدان شرقية وغربية ، فكل بلد غربي بعد عن بلد آخر شرقي بالف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي بساعة ، فيتحقق بذلك اختلاف المطالع.
كما اشار اليه فخر المحققين في الايضاح بقوله : الاقرب ان الارض كروية ؛ لان الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية ، وكذا في الغروب ، فكل بلد غربي بعد عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي بساعة واحدة.
وانما عرفنا ذلك بارصاد الكسوفات القمرية ، حيث ابتدأت في ساعات اقل من ساعات بلدنا في المساكن الغربية ، واكثر من ساعات بلدنا في المساكن الشرقية ، فعرفنا ان غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل غروبها في بلدنا ، وغروبها في المساكن الغربية بعد غروبها في بلدنا.
ولو كانت الارض مسطحة ، لكان الطلوع والغروب في جميع المواضع في وقت واحد ، ولان السائر على خط من خطوط نصف النهار على الجانب الشمالي يزداد عليه ارتفاع القطب الشمالي وانخفاض الجنوبي وبالعكس انتهى.
ومما حررناه ظهر ان قوله « ومنها ان يكون الامام في كل ليلة في اقليم » ليس في محله ، بل ينبغي ان يقال : انه يكون في كل ليلة من تلك الليالي في بلد من البلدان ، فتنزل عليه الملائكة بأحوال سكان ذلك البلد.
اذ ربما تختلف ليلة القدر على اهل اقليم واحد باختلاف بلدانهم شرقية