المعروف والعقل والروح (١).
وحيث إنّ الاُمور المنسوبة إليه في القرآن كلها من صفات النفس والروح قطعاً ونسبتها إلى القلب العظمى كنسبتها إلى سائر الاعضاء من اليد والرجل ونحوهما في البطلان تعين حمل القلب على معنى الروح وحينئذٍ فلا إشكال.
لكن تأويل آيات القرآن بهذه السهولة غير ميسر ، بل هو غير جائز ما لم يدعمه دليل شرعي معتبر إذا لم يثبت أنّ النفس أو الروح معنى حقيقي أو منصرف اليه لفظ القلب كما هو كذلك عندنا ، إذ المفهوم المتبادر مايقصده الاَطباء ، فلاحظ. على أنّ في تأويل القرآن ـ وهو السند الاَصيل للاسلام والنبوة الخاتمية ـ مع الغض عن منعه الشرعي إشكالاً قوياً ليس هنا موضع بيانه ، والذي يمكن أنْ يركن إليه في فهم معنى القلب آيات نذكر بعضها.
١ ـ قوله سبحانه وتعالى : ( فانها لا تعمى الاَبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) (٢) ( الحج ٤٦ ).
٢ ـ ( وليبتلي الله ما في صدوركم وَليُمحّص ما في قلوبكم ) ( آل عمران ١٥٤ ).
٣ ـ ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) ( الاحزاب ٤ ).
٤ ـ ( وبلغت القلوب الحناجر ) ( الاحزاب ١٠ ).
أقول : الآية الاُوّلى ظاهرة بل صريحة على أنّ المراد بالقلب الذي وصف بالعمي هو العضو المعروف ، ضرورة أنّ العقل والروح ليسا في
__________________
(١) وهل هو في المعنيين الاَخيرين حقيقة لغوية أو مجاز أخذوه من الاستعمالات الخاصة فيه وجهان.
(٢) ومن عجيب التأويل فيه حمل الصدر على الجمجمة وحمل القلب على المخ!!!