وهذا هو الاَظهر إنْ شاء الله تعالى ـ سواء كانت الوصية تبرعية أو بأخذ عوض ـ خلافاً لما ذكرناه في الجزء الاَوّل والثاني من كتابنا حدود الشريعة قبل سنوات ، وأمّا في غير الوصية ففيه إشكال أو منع (١) ، بل ربما يشكل القطع في فرض توقف حياة أحد بالفعل عليه ، لاَنّ وجوب حفظ نفس محترمة بهذا النحو لم يثبت في حقّ الاَحياء حتّى يجوز أو يجب في المقام ، فتأمل ، والله العالم.
ولكن غير واحد من فقهائنا المعاصرين اجازوا قطع أعضاء الميت ، عند حفظ النفس المحترمة عن الهلاك (٢).
وأما جواز القطع بإذن أولياء الميت في فرض عدم وصيته به ففيه نظر أو منع لعدم شمول ولايتهم لمثل ذلك فلا عبرة باذنهم.
فإن قلت : مقتضى انصراف الاَحاديث المتقدمة هو عدم حرمة القطع على القاطعين ان صح الوصية لا جواز الوصية أي صحتها.
قلت : إنّ سلطة الانسان على ماله وبدنه ثابتة ببناء العقلاء وانما منعنا جواز قطع بعض الاَعضاء وترددنا في جواز قطع بعض الاعضاء الآخر في حال الحياة لدليل خارجي مفقود في حال الموت ، فإنه فرق كثير بين الحالتين ولا موضوع للضرر بعد الموت ، فلاحظ وتدبر ، وسيأتي ما يتعلق به في المسألة الخامسة والعشرين.
وعلى كل صرح السيّد الاُستاذ الخوئي قدس سره بعدم وجوب الدية على من قطع عضو الميت بوصية منه (٣).
__________________
(١) ان كثير من الناس يحتاجون إلى زرع القرنية واعطائهم النور. فلو جاز قطعه بلا وصية لاستفاد منها المحتاجون.
(٢) لاحظ فتاويهم في كتبهم الفتوائية.
(٣) توضيح المسائل ص ٥٦٠.