يستند الى خسة الشيء كالحشرات والى ما يستند الى قلته كحبة حنطة ، وذكروا أنّه ليس مالاً وان كان يصدق عليه الملك ولذا يحرم غصبه إجماعاً .. ، والاولى أن يقال : إنّ ما تحقق أنّه ليس بمال عرفاً فلا اشكال ولا خلاف في عدم جواز وقوعه أحد العوضين اذ لا بيع إلاّ في ملك ، وما لم يتحقق فيه ذلك ، فان كان أكل المال في مقابله أكلاً بالباطل عرفاً فالظاهر فساد المقابلة ، وما لم يثبت فيه ذلك فان ثبت دليل من نص أو إجماع على عدم جواز بيعه فهو ، وإلاّ فلا يخفى وجوب الرجوع الى عموم صحّة البيع والتجارة ...
ثم إنّهم احترزوا باعتبار الملكية في العوضين من بيع ما يشترك فيه الناس كالماء والكلاء والسموك والوحوش قبل اصطيادها ، وتكون هذه كلها غير مملوكة بالفعل ، واحترزوا به أيضاً عن الاَرض المفتوحة عنوة .. ، انتهى ما اردنا نقله من كلامه رحمه الله (١).
والمفهوم من مجموع كلامه صحة بيع الاَعضاء المقطوعة ، فإنها مال عند العقلاء إنْ لم يدل دليل آخر على خلافها.
فإن قلت : الانسان الحر غير مملوك وغير مال ولذا لا يجوز بيعه وهبته ولا تصح معاوضته بوجه ، فكذا اعضاؤه.
قلت : لا دليل على جريان حكم الكل على البعض المقطوع لا شرعاً ولا عرفاً ، ولا سيما أنّ الحرية والكرامة راجعتان الى النفس دون البدن.
فان قلت : جعل الدية على الاَعضاء دليل واضح على ملكية الانسان لاعضائه.
قلت : ليست الدية أرشاً وقيمة لها لاَمكان أنّها غرامة لشيء ينتفع به ،
__________________
(١) أول كتاب البيع من مكاسبه رضي الله عنه.