ولذا قال الشيخ الانصاري قدس سره في كلام له حول حكم كلب الماشية في مكاسبه المحرمة بأنّ الدية لو لم تدلّ على عدم التملك ـ وإلاّ لكانت الواجب القيمة كائنة ما كانت ـ لم تدلّ على التملك ، لاحتمال كون الدية من باب تعيين غرامة معينة لتفويت شيء ينتفع به لا لاتلاف مال كما في اتلاف الحر ، ومما يؤكد كون الدية غرامة هو أنّ الاَصل الاَوّل في قطع الاعضاء عمداً القصاص وهو غرامة قطعاً ، وفي فرض الخطأ أو المصالحة تنتقل الغرامة الى الدية.
اذا عرفت ذلك كله فنختم البحث بذكر أُمور :
١ ـ بناء العقلاء على سلطة الناس على أنفسهم وأموالهم في الجملة ، وهذا يثبت ملكية الشخص على أجزاء بدنه المقطوعة فيجوز له بيعها وهبتها ، فما لم يثبت من الشرع المنع نكشف منه إمضاءه لبنائهم على هذا الاَصل ، وهذا هو أرجح ما يعتمد عليه في الملكية الاعتبارية للاَعضاء ، ولكن الاَحوط ترك البيع والشراء.
٢ ـ جواز أكل العوض لا يتوقف على اثبات الملكية وصحة المعاملة وضعاً ، فان الانسان أولى بأعضاء بدنه وبخمره وخنزيره وان لم يكن بمالك لها؛ ويصح أخذ مال لاعراضه عن حقه هذا حتى اذا كان نزع العضو حراماً ، فإنه لا يسقط حقّه هذا عليه.
ويجوز أيضاً أخذ المال على قطع العضو اذا كان القطع جائزاً وكذا على مقدماته كالذهاب الى المستشفى والجراح ونحو ذلك ، فان ذلك عمل محترم يجوز أخذ المال بازائه.
٣ ـ أمّا المريض فيجب عليه دفع المال لاعراض صاحب العضو أو على قطعه اذا كان جائزاً أو على مقدماته وجوباً مؤكداً اذا كانت حياته في معرض التلف أو في معرض الابتلاء بالامراض المزمنة كما سبق تفصيلها ،