وفي غير الفرضين يحسن دفع المال لاحراز الصحة والفراغ للعبادة. ولا شيء عليه اذا كان القطع حراماً على صاحب العضو ، نعم لايجوز له تشويقه عليه ، لان التشويق على الحرام حرام كما ذكرناه في محله.
٤ ـ يدعي بعض الباحثين من أهل السنة اتفاق المحققين ـ وفي موضع آخر اتفاق الفقهاء ـ على أنّه لا يجوز للانسان أنْ يبيع عضواً من أعضاء جسده أياً كان هذا العضو (١) ، واستدلّ عليه أوّلاً بأنّ جسد الانسان وما يتكون منه من أعضاء ليس محلاً للبيع والشراء وليس سلعة من السلع التي يصح فيها التبادل التجاري ، وثانياً أنّ جسد الانسان ليس ملكاً له على الحقيقة وانما المالك الحقيقي خالقه ، والانسان ما هو إلاّ أمين على هذا الجسد.
أقول : دعوى اتفاق فقهاء أهل السنة على بطلان بيع الاعضاء ممنوعة بعدما لم تعنون المسألة في الاَزمنة السابقة وانما هي من المسائل المستجدة ، هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ العضو المقطوع مال يميل إليه العقلاء ، فيتمسك باطلاق قوله تعالى : ( أحلّ اللهُ البيع ) ، أو ببناء العقلاء على تسلط الناس على أموالهم وابدانهم كما سبق ، فالوجه الاَوّل في كلامه مجرّد دعوى غير صحيح لكن ذكرنا أنه مطابق للاحتياط عندي.
وثالثاً : بأنّ ملكيته تعالى لا تنافي ملكية الانسان لاَنها في طولها لا في عرضها ، والله مالك كل شيء ، فلا بد من البحث حول إن الانسان هل هو مالك لعضوه أم لا وما هو دليل لملكيته كما مر ، وهذا القائل لم يهتد إليه ، مع أنّه لو تم ما ذكره في الوجه الثاني لمنع من صحة هبة العضو أيضاً
__________________
(١) ص ٣٠٨ وص ٣٠٩ الرؤية الاِسلامية لبعض الممارسات الطبية.