لأمره ورسالته قال تالى : ( وقلربّ أدخلني مدخل صدقٍ وأخرجني مخرج صدقٍ واجعل لي لدنك سلطاناً نصيراً ) (١) ودعاؤه هذا جاء عقب ذكر قراءة القرآن والتهجّد به.
وفي دعاء الرسول تجد شكواه من أذى قومه وبعدهم عن الإسلام صريحةً واضحةً كما في قوله تعالى : ( وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً ) (٢) ففي إظهار ( يا ) النداء إشارة لمعاناته حيث إنّ المعهود والمتعارف عليه حذف أداة النداء مع لفظ ( ربّ ) في أغلب آيات الدعاء إلاّ في مواضع قصد بها أغراض معينة.
وعلى الرغم مما لقيه من عنت قومه وضلالهم فإنّه ما دعا عليهم دعاءً صريحاً أبداً بل كان في دعائه يطلب إنصافه منهم وتفويض أمرهم إليه تعالى قال عزّوجلّ : ( قل اللّهم فاطر السّماوات والأرض عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون ) (٣).
فقدّم في دعائه ثناءه عليه تعالى وبيان عظيم قدرته ثم أعقبها دعاءه بأسلوب الخبر ( أنت تحكم بين عبادك ... ) بمعنى أحكم بينهم والله أعلم يقول الطبرسي في تعليقه على الآية : « لما قدّم سبحانه ذكر الأدلّة فلم ينظروا فيها والمواعظ فلم يتعظوا بها أمر نبيّه أن يحاكمهم إليه ليفعل بهم ما يستحقونه فقال : ( قل ) يا محمد ادع بهذا الدعاء ( اللّهمّ فاطر السّموات ... ) أي فاحكم بيني وبين قومي بالحق وفي هذا إشارة للمؤمنين بالظفر والنصر لأنّه سبحانه
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٨٠.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ٣٠.
(٣) سورة الزمر : ٣٩ / ٤٦.