إنّما أمره به للإجابة محالة » (١).
وفي السياق عينه جاء قوله تعالى في ختام سورة الأنبياء : ( قال ربّ احكم بالحقّ وربّنا الرّحمن المستعان على ما تصفون ) (٢) حيث نملح في هذه الآية دعاءً خفياً على الذين استهتروا بأذاه وأسرفوا في ظلمهم له وللأنبياء عموماً فجاء بلفظ (بالحق) إشعاراً بالدعاء عليهم وإقصائهم ورحمته تعالى والتعجيل بما يستحقّونه من العذاب (٣) لأنّه سبحانه لا يحكم إلاّ بالحقّ والعدل وإنّما ذكر ذلك زيادةً في تأكيد دعائه عليهم بالهلاك. وقد تنبّه ابن أبي الأصبع المصري إلى ستّة عشر ضرباً من البديع في هذه الآية على إيجازها (٤).
ولابدّ من الإشارة إلى وجه المناسبة في دعائه بين معاناته من جانب والتذكير بما مرّ من معاناة الأنبياء في نفس السورة من جانبٍ آخر فختمت سورة الأنبياء بدعائه وهو خاتم الأنبياء. ومن جملة أدعيته دعاءه في الثناء على الله وتنزيهه وبيان قدرته وسلطانه وتصريفه لشؤون خلقه في إيتائهم الملك ونزعه منهم وفي إعراز وإذلال من يشاء من خلقه كما في قوله تعالى : ( قل اللّهمّ مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك عى كلّ شيء قدير ) (٥) وفي هذا الدعاء العظيم تعليم للثناء عليه تعالى بأفخم الثناء وأسماه. ومن أدعيته
__________________
(١) مجمع البيان ١٦٢ : ٥ ظ : مفاتيح الغيب ٢٨٦ : ٢٦.
(٢) سورة الأنبياء : ٢١ / ١١٢.
(٣) ظ : تحرير التحبير : ٢٩٣ بديع القرآن : ٢٠٨.
(٤) ظ : تحرير التحبير : ٢٩٣.
(٥) سورة آل عمران : ٣ / ٢٦.