بالتحميل وفي ذلك دلالة على « أن الشاق يمكن حمله أما ما لا يكون مقدوراً لا يمكن حمله » (١) لذلك فإنّهم رغبوا إلى الله تعالى أن يكفيهم ما يستطيعون حمله بمشقّة وعناء وما لا يقدرون على حمله أصلاً والله أعلم.
ثمّ يتجدّد الدعاء بصيغة فعل الدعاء من دون أن يقترن بلفظ ( ربّنا ) ولعلّ في ذلك إشعاراً « بأنّ العبد إذا واظب على التضرّع نال القرب من الله تعالى » (٢) ولك أن تري الدقّة في استخدام أفعالالدعاء وترتيبها ( واعف عنّا واغفر لنا وارحمنا ) فبالعفو يسقط العقاب وبالمغرفرة تستر الذنوب وتصان فلا يطّلع عليها سواه عزّوجلّ وبالرحمة بكون الخلاص وتنال الكرامات (٣).
ولابدّ من الإشارة إلى أن التركيب السياقي لألفاظ الدعاء تأتي تبعاً لترتيب دلالاته لذا فعلّة تقديم العفو والمغفرة قبل كان طلب ـ كمافي أدعية القرآن أو غيرها من الأدعية المأثورة ـ إنّما هي بمثابة تطهير النفس من أحمال الذنوب العالقة والتي تشكّل بذاتها حاجزاً بين الأنسان وبين نور رحمته تعالى فإذا استطاع الداعي أن ينفض عن قبله غبار المعصية ويستشعر في نفسه حسرة الذنب وندمه من جهة والإصرار على التوبةمنجهة أخرى فإنّه ولا شك قادر على أن يستقبل نور الرحمة التي تطهّر النفس من آفات الضلال وتنبت في أرضها شجرة الهداية التي ثمارها صدق التوجّه لله عزّوجلّ.
ويمكن أن تلمس في هذا الدعاء أغلب صيغ الدعاء وصوره سواء ما جاء منها بأسلوب النهي أو الأمر كما في صيغة ( أفعل ) وصيغة المصدر النائب عن فعل الدعاء ( غفرانك ) وفيهذا تجديد للأسلوب بدلاً من مجيئه على شكل
__________________
(١) مفاتيح الغيب ١٥٩ : ٧.
(٢) مفاتيح الغيب ١٦٠ : ٧.
(٣) ظ : مفاتيح الغيب ١٦٠ : ٧.