واحد. ونستطيع كذلك أن نرصد في دعاء المؤمنين هذا ـ وغيره ـ تعليماً للداعين في كيفية دعائه وما يجب أن يخاطبوه به ويطلبون منه (١).
ومما جاء من دعاء المؤمنين في آخر آل عمران قوله تعالى : ( الّذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النّار * ربّنا إنّك من تدخل النّار فقد أخزيته وما للظّالمين من أنصار * ربّنا إنّنا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربّكم فآمنّا ربّنا فاغقر لنا ذنوبنا وكفّر عنّا سيّئاتنا وتوقّنا مع الأبرار * ربّنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد ) (٢).
فقد حكى الله سبحانه عن المؤمنين ذكرهم المتواصل في مختلف أحوالهم من جهة وتفكّر هم الدائم من جهة ثانية وإقرارهم « بعجز العقول عن الإحاطة بآثار حكمة الله في خلق السماوات والأرض » (٣) وتقديمهم الثناء قبل الدعاء بقولهم : ( ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك ) من جهة أخرى.
وتلحظ كذلك في قوله : ( ينادي ) تعقيباً على ( سمعنا منادياً ) تفخيماً للمنادي والنداء فيوقت واحد لا يحصل فيما إذ حذف من سياق الدعاء (٤) وقد شمل هذا الدعاء الترتيب الدقيق للحاجات في غفران الذنوب وتكفير السيئات والوفاة مع الأبرار فضلاً عمّا سألوه تعالى بإنجاز ما وعدهم به لالأجل إيجاد الفعل بل على سبيل الانقطاع واللجوء إليه وإظهار التضرّع والعبودية له
__________________
(١) ظ : جامع البيان ١٥٥ : ٣.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٩١ ـ ١٩٤.
(٣) مفاتيح الغيب ١٤٠ : ٩.
(٤) ظ : الكشاف ٤٥٥ : ١ مفاتيح الغيب ١٤٥ : ٩.