جلّ وعلا (١) لذا يجوز للداعي أن يسأل ما يعلم أنّه واقع أو يقع رغبة في التذلّل والخضوع أمام بارئه.
وفي تكرار النداء ( ربّنا ) بالدعاء دلالات كثيرة توضح حال المؤمنين في تعلّقهم بالله وانقطاعهم عن كل شيء سواه فضلاً عمّا لهذا التكرار من جانب تربوي يستمدّ الداعون منه آداباً قرآنية في كيفية مخاطبة الله وسؤاله ومعرفة طرائق الوصول بالدعاء إلى منازل الإجابة لذا فقد خمس مرّات ( ربّنا ) أنجاه الله ممّا يخاف وأعطاه ما أراد » وقرأ الآية (٢).
وقد ذمّ الكتاب العزيز يقيّدون دعاءهم بمطالب الدنيا ويتناسون الآخرة في حين امتدح من قرن مطالب دنياه بمطالب آخرته لأنّ في ذلك سبيل إجابتها قال تعالى : ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار * أولئك لهم نصيب ممّا كسبوا والله سريع الحساب ) (٣).
فقد بيّن دعاء أهل الدنيا ودعاء أهل الآخرة فمن تعلّق بالدنيا جعل دعاءه محصوراً بها مقصوراً عليها أما دعاء أهل الآخرة فهو من يرى في دنياه طريقاً لآخرة فيجعل الموازنة بينهما طلباً للآخرة أولاً وللدنيا ثانياً. وما دام السبيل إلى الآخرة وأهم ما نستلهمه من الموازنة بين الدعاء ين هو التأدّب بأدب السؤال
__________________
(١) ظ : التبيان ٨٦ : ٣ مجمع البيان ٣٠٤ : ٢.
(٢) الكشاف ٤٥٧ : ١.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠٢.