وقد فض هذا الأصل في الصلاة الشريف الجرجاني (١) أيضاً ويغنينا عن القول في استبعاد معني الصلاة من ( الصلا ) ما تقدّم من كلام الرازي فقد بيّن عدم اشتهار هذا الأصل بالنسبة للمسلمين فضلاً عن قلّة شواهده الجاهلية التي تؤيد استعمال العرب للصلاة من هذا المعني.
المعنى الثاني : أصل الصلاة من صلي «وصليت القناة : قوّمتها بالنار» (٢) ثم استعير تقويم العصا بالنار وتلينها إلي تقويم النفس ظاهراً وباطناً بمعني أن وقوف العبد أمام خالقه و «قبالة عظمته وجلاله ورأفته ورحمته ... فوصل إليه من هذه الأشياء كما وصل إليه من حرّ النار حتي صلي بها» (٣) وهذا الأصل وإن حمل بعضاً من روح الصلاة إلاّ أنّه يقصر عن أن يكون أصلاً للصلاة.
المعنى الثالث : يقارب المعني الثاني وهو أن أصل الصلاة : اللزوم أو الملازمة ، « يقال : صلي واُصطلى : إذا لزم ومن هذا يصلى في النار أي يلزم » (٤) وتبنّي الأزهري هذا الرأي في أصل الصلاة حيث قال : « والقول عندي ... إنما الصلاة لزوم ما فرض الله والصلاة من أعظم الفرض الذي أمر بلزمه » (٥).
وأري أن هذا المعني جزء من المعني السابق من الصلي بالنار ولاينهض كأصل للصلاة كذلك وإن حمل تأويلاً لطيفاً في التزام الصلاة كفرض لايتهاون فيه.
المعنى الرابع : وهو أن أصل الصلاة : الدعاء « مأخوذ من صلى يصلي إذا
__________________
(١) حاشية السيد الجرجاني علي الكشاف ١٠٠ : ١ طبعة البابي الحلبي ، مصر ، ١٩٨٤.
(٢) أساس البلاغة : ٥٣٩.
(٣) تحصيل نظائر القرآن / الحكيم الترمذي : ٧١.
(٤) تهذيب اللغة : باب الصاد واللاّم ( صلى ).
(٥) المصدر نفسه : باب الصاد واللاّم ( صلى ).