إلى التواضع والتلطّف في طلب العلم المفروض تخلّق المتعلّم بها على جلالة شأنه وعظيم منزلته وليس بعد منزلته النبي منزلة إلاّ أنّ ذلك لا يمنع أن يكون النبي في موضع المتعلّم دلالة على سمو درجة العلم وفضلاً عن هدف قرآني يقصد من وهو الإبانة عن أخلاق المتعلم وفي هذا السياق لا نجد موسى داعياً فقط بل هو منهي عن السؤال من قبل الخضر كما في قوله تعالى : ( قال فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكراً ) (١)
ولا أدل من ذلك على علو مرتبة الخضر في هذا السياق وهو بالضرورة أعلى حيث المعلم أعلى درجة من المتلم.
لذلك يكون كل ما صدرفي هذا السياق عن موسى دعاء (٢) والله أعلم بالصواب.
وكل`ما جاء من الدعاء ضمن الصورة الثانية ـ صيغة النهي ـ صريح إلاّ في آية واحدة حيث حذفت الأداة (لا) والفعل المضارع معهما لإغناء السياق عنها ولسبقها في الكلام قال تعالى : ( ... ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) (٣) فقد أغنى العطف ب (أو) عن تكرار السياق وتقديره ـ والله أعلم ـ (لاتؤاخذنا إن نسيناو لا تؤخذنا إن أخطأنا).
ولا تخفى دلالة الإيجاز في الحذف في سياق الدعاء هنا وقد يأتي النهي
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٧٠.
(٢) من المفيد أن نذكّر أنّ الدعاء بين المخلوقين ـ في صورة النهي ـ جاء في ثمانية مواضع أربعة منها على لسان هارون في الأعراف : ١٥٠ طه : ٩٤ وآية واحدة في سورة التوبة : ٤٩ فضلاً عمّا جاء على لسان موسى.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٨٦.