وينبئك بيان الحالات الثلاث (الاضطجاع والقعود والقيام) للإنسان الداعي مدى الاجتهاد في الدعاء والتضرّع إليه تعالى لكي يكشف الضّرّ عنه وما أحسن هذا التقسيم المعلن عن لجوء الإنسان إلى خالقه الحقّ في ضرّة وهو في مختلف حالاته المتقدّمة (١).
الثاني : مشهد الإنسان وسط أهوال البحر في هيجانه يدعوه جلّ وعلا باجتهادٍ وتيضرّع راجياً النجاة قال تعالى : ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون ) (٢). (٣)
وموقف كهذا يصوّر بدقةٍ متناهيةٍ فطرة الإنسان في صدق توجهه وإخلاص دعوته لله تعالى وهجر ما سبق من اعتقادٍ بالطلٍ في ساعة شدّته وخوفه ثمّ سرعان ما تعود تلك النفوس التي تناقض فطرتها إلى ما اعتادت عليه من الشرك (٤).
ومن المعالم الدعائيّة في القرآن العزيز هو افتتاح بعض السور بالدّعاء وقد عدّ الزركشي سوراً ثلاثاً استفتحت بالدعاء (٥) ولا يفوتنا أن نذكر أن ثمة سوراًختمت بالدعاء أيضاً (٦).
__________________
(١) ظ : مجمع البيان / الطبرسي ٢٠ : ٣ الكشاف ٣٢٣ : ٢ مفاتيح الغيب / الرازي ٥١ : ١٧ البرهان / الزركشي ٤٧٢ : ٣ تحرير التحبير / ابن أبي الإصبع المصري ١٧٥ : ١.
(٢) سورة العنكبوت : ٢٩ / ٦٥.
(٣) ظ : في السياق نفسه : يونس : ١٠ / ٢٢ الإسراء : ١٧ / ٦٦ ـ ٦٧ الأنعام : ٦ / ٦٣ ـ ٦٤ لقمان : ٣١ / ٣١ ـ ٣٢.
(٤) ظ : مفاتيح ٩٢ : ٢٥.
(٥) وهي : المطففين : ٨٣ / ١ الهمزة : ١٠٤ / ١ المسد : ١١١ / ١ ظ : البرهان ١٨٠ : ١.
(٦) ظ : الآيات التالية : الفاتحة : ١ / ٧ البقرة : ٢ / ٢٨٦ الزمر : ٣٩ / ٧٥