(ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) ١
قال :
|
انه تعالى لايفعل القليل من الظلم لامرين : احدهما : انه خرج مخرج جواب للمجبرة وردا عليهم ، لانهم ينسبون كل ظلمٍ في العالم إليه تعالى ، فبين انه لوكان كما قالوا لكان ظلاماً وليس بظالمٍ. الثاني : انه لوفعل اقل قليل الظلم لكان عظيماً منه ، لانه يفعله من غير حاجة إليه ، فهواعظم من كل ظلم فعله فاعله لحاجته إليه ٢. |
اختلفت المدارس الإسلاميّة في ارائها حول مسالة حرية الارادة بالنسبة للانسان ، وفيما اذاكانت افعاله التي يقوم بها تاتي بمحض ارادته واختياره ام انه مجبورٌ على فعلها ومسير ازائها ، ولايملك الا ان يفعل ، وفي ذلك نشات مدارس مختلفةٌ في الراي ومتباينةٌ في الاتجاه ، تطرفت احداهن للقول : ان الإنسان مجبورٌ ومسيّرٌ ، وانه لابد له من الاستجابة ، لماجبل عليه من فعل الخير او الشر ، وقالت اخرى :
بان الإنسان مفوّضٌ إليه فعله ، فهو يفعل كما لو لم تكن هناك ارادة الهية تتصرف في هذا الوجود ، وبين هذه المدرسة وتلك وقفت المدرسة الإماميّة لتقول كلمتها فكانت على لسان الامام جعفربن محمد الصادق عليهالسلام حيث قال :
« لاجبر ولاتفويض ولكن امرٌ بين امرين » ٣.
وبذلك كانت المدرسة الإماميّة تحتل الموقف الوسط بين المدارس الإسلاميّة الاخرى وتمثل الاعتدال في الراي وقد اكد ذلك الامام الصادق عليهالسلام حين سئل عن الجبر والقدرفقال:
|
( لاجبر ولاقدر ولكن منزلةٌ بينهما ، فيها الحق ... لايعلمها الا العالم او من علمها اياه |
__________________
١. الحج ( ٢٢ ) الآية ١٠.
٢. الطوسي ، التبيان ، ج ٧ ، ص ٢٦٢.
٣. الكليني ، اصول الكافي ، كتاب التوحيد ، باب الجبر والقدر والامر بين الامرين.